بنزول الملكين [الثاني] أن أهل زمان داود عليه السلام كان يسأل بعضهم بعضا أن ينزل عن امرأته فيتزوجها إذا أعجبته، وكان ذلك جائزا فيما بينهم، فاتفق أن عين داود عليه السلام وقعت على امرأة أوريا، فأحبها فسأله النزول عنها فاستحى أن يزده، ففعل فتزوجها وهي أم سليمان عليه السلام، فقيل له. إنك مع ارتفاع قدرك وكثرة نسائك لم يكن ينبغي لك أن تسأل رجلا ليست له إلا امرأة واحدة النزول عنها، بل كان الواجب قهر نفسك * [الثالث] أن أوريا خطبها ثم خطبها داود عليه السلام فآثره أهله فكان ذنبه أنه خطب على خطبة المؤمن مع كثرة نسائه * [الرابع] أن داود عليه السلام كان مشتغلا بعبادته فأتاه رجل وامرأة يتحاكمان فنظر إلى المرأة ليعرفها بعينها ليحكم لها أو عليها، وذلك نظر مباح فمالت نفسه إليها ميل الخلقة ففصل بينهما وعاد إلى عبادته فشغله الفكر في أمرها عن بعض نوافله فعوتب * [الخامس] أن الصغيرة منه إنما كانت بالعجلة في الحكم قبل التثبت، وكان يجب عليه لما سمع الدعوى من أحد الخصمين أن يسأل الآخر عما عنده فيها ولا يقضى عليه قبل المسألة * والمجيب بهذا الجواب قال: إن الفزع من دخولهما عليه في غير وقت العادة أنساه التثبت والتحفظ والقائلون بهذا القول حملوا التحاكم على ضرب المثال، وإلا فيلزم إقدام الملك على الكذب وحملوا النعاج على النسوة، وكل ذلك عدول عن الظاهر من غير دليل *
(٧٩)