حصل أعلاها لموسى عليه السلام في قوله (ولما جاء موسى لميقاتنا) وأن سليمان عليه السلام على شرع موسى عليه السلام وطريقته فكان أبدا في الرياضة والإنسان لا يفرغ قلبه عن شئ ما لم يجربه فكأن نفس سليمان عليه السلام كانت ملتفتة إلى ملكة الدنيا فقال (رب اغفر لي وهب لي ملكا) الآية حتى أذوقه فيفرغ قلبي عنه فيزول شغل الالتفات إليه، فيخلص السر إلى طاعتك والاشتغال بعبادتك * [السادس] إن للسيارين إلى الله تعالى تارات، فتارة يختارون مقام التواضع، وذلك إذا ما نظروا إلى أنفسهم من حيث هم هم، وتارة مقام الاستعلاء وذلك إذا ما رأوا أنفسهم من حيث أنهم بالحق، فلا يبعد أن يكون هذا الخاطر إنما ورد على سليمان عليه السلام في المقام الثاني [السابع] وهو جواب المتكلمين إنه عليه السلام كان مأذونا من الله فيه وعلى هذا التقدير لا يكون فيه عتب * [قصة يونس عليه السلام] تمسكوا بقوله تعالى: (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) من ثلاثة أوجه:
[الأول] أنه ذهب مغاضبا وذلك كان محظورا. ألا ترى أن الله تعالى قال: (واصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت) فذلك يقتضي أن ذلك الفعل من يونس عليه السلام كان محضورا *