(اللهم أظمأه) فغضب الدارمي فرماه بسهم فأثبته في حنكه (1)، فانتزع الحسين عليه السلام السهم وبسط يده تحت حنكه (2) فامتلأت راحتاه بالدم فرماه ثم قال: (اللهم إني أشكو إليك ما يفعل بابن بنت نبيك صلى الله عليه وآله وسلم).
ثم رجع إلى مكانه واشتد به العطش، وأحاط القوم بالعباس فاقتطعوه عنه، فجعل يقاتلهم وحده حتى قتل رحمه الله.
ولما رجع الحسين عليه السلام من المسناة تقدم إليه شمر بن ذي الجوشن لعنه الله في جماعة من أصحابه، وضربه رجل يقال له: مالك الكندي على رأسه بالسيف، وكان عليه قلنسوة فقطعها حتى وصل إلى رأسه فأدماه وامتلأت القلنسوة دما، فقال له الحسين عليه السلام: (لا أكلت بيمينك، ولا شربت بها، وحشرك الله مع الظالمين) ثم ألقى القلنسوة ودعا بخرقة فشد بها رأسه، واستدعى قلنسوة أخرى فلبسها واعتم عليها، ورجع، عنه شمر ومن كان معه إلى مواضعهم، فمكث هنيهة ثم عاد وعادوا إليه وأحاطوا به، فخرج إليه عبد الله بن الحسن - وهو غلام لم يراهق - من عند النساء يشتد حتى وقف إلى جنب الحسين عليه السلام فلحقته زينب بنت علي عليه السلام لتحبسه فقال لها الحسين عليه السلام: (احبسيه يا أختي) فأبى وامتنع عليها امتناعا شديدا وقال: والله لا أفارق عمي، فأهوى أبجر بن كعب إلى الحسين بالسيف فقال له الغلام: ويلك يا ابن الخبيثة أتقتل عمي؟
فضربه أبجر بالسيف فاتقاها الغلام بيده فأطنها إلى الجلدة فإذا يده معلقة، فنادى الغلام. يا أماه، فأخذه الحسين عليه السلام فضمه إلى صدره وقال