ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدك) ثم قال: (عز والله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك فلا ينفعك، صوت - والله - كثر واتره وقل ناصره) ثم حمله على صدره، فكأني أنظر إلى رجلي الغلام يخطان الأرض، فجاء به حتى ألقاه مع ابنه علي بن الحسين والقتلى من أهل بيته، فسألت عنه فقيل:
هو القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
ثم جلس الحسين عليه السلام أمام الفسطاط، فأتي بابنه عبد الله بن الحسين وهو طفل فأجلسه في حجره، فرماه رجل من بني أسد بسهم فذبحه، فتلقى الحسين من دمه ملء كفه وصبه في الأرض ثم قال: (رب إن تكن حبست عنا النصر من السماء، فاجعل ذلك لما هو خير، وانتقم لنا من هؤلاء الظالمين)، ثم حوله حتى وضعه مع قتلى أهله.
ورمى عبد الله بن عقبة الغنوي أبا بكر بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام فقتله.
فلما رأى العباس بن علي كثرة القتلى في أهله قال لإخوته من أمه - وهم عبد الله وجعفر وعثمان -: يا بني أمي تقدموا حتى أراكم قد نصحتم لله ولرسوله، وإنه لا ولد لكم، فقدم عبد الله فقاتل قتالا شديدا فاختلف هو وهانئ بن ثبيت الحضرمي ضربتين فقتله هانئ، وتقدم بعده جعفر بن علي عليه السلام فقتله أيضا هانئ، وتعمد خولي بن يزيد الأصبحي عثمان بن علي - وقد قام مقام إخوته - فرماه فصرعه، وشد عليه رجل من بني دارم فاحتز رأسه.
وحملت الجماعة على الحسين عليه السلام فغلبوه على عسكره، واشتد به العطش فركب المسناة يريد الفرات وبين يده أخوه العباس، فاعترضته خيل ابن سعد وفيهم رجل من بني دارم، فقال لهم: ويلكم حولوا بينه وبين ماء الفرات ولا تمكنوه من الماء، فقال الحسين عليه السلام: