الحسين مسرعة تنادي: يا أخياه وابن أخياه، وجاءت حتى أكبت عليه، وأخذ الحسين عليه السلام برأسها فردها إلى الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه.
ثم رمى رجل من أصحاب عمر بن سعد يقال له: عمرو بن صبيح عبد الله بن مسلم بن عقيل بسهم، فوضع، عبد الله يده على جبهته يتقيه فأصاب السهم كفه ونفذ إلى جبهته فسمرها بها فلم يستطيع تحريكا، ثم انتحى عليه آخر برمحه فطعنه في قلبه فقتله.
وحمل عبد الله بن قطبة الطائي على عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عليه السلام فقتله.
وحمل عامر بن نهشل التيمي على محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عليه السلام فقتله.
قال حميد بن مسلم: فأنا كذلك إذ خرج علينا غلام كأن وجهه فلقة قمر، في يده سيف وعليه قميص وإزار ونعلان قد انقطع شسع إحداهما، فقال لي عمر بن سعيد بن نفيل الأزدي: والله لأشدن عليه، فقلت: سبحان الله، وماذا تريد منه؟! دعه يكفيكه هؤلاء القوم، فشد عليه فقتله، ووقع الغلام لوجهه فقال: يا عماه، فجلى (1) الحسين عليه السلام كما يجلي الصقر، ثم شد شدة ليث أغضب، فضرب عمر بن سعيد بالسيف فاتقاها بالساعد فأطنها (2) من لدن المرفق، فصاح صيحة سمعها أهال العسكر ثم تنحى عنه الحسين وحملت خيل أهل الكوفة ليستنفذوه فتوطأته بأرجلها حتى مات لعنه الله، وانجلت الغبرة فرأيت الحسين عليه السلام قائما على رأس الغلام وهو يفحص برجليه والحسين عليه السلام يقول: (بعدا لقوم قتلوك