قالوا: سبحان الله فما يقول الناس؟! يقولون: إنا تركنا شيخنا وسيدنا وسيد بني عمومتنا خير الأعمام ولم نرم معهم بسهم، ولم نطعن برمح، ولم نضرب دونهم بسيف، ولا ندري ما صنعوا؟!، لا والله لا نفعل، ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلينا، ونقاتل معك حتى نرد موردك، فقبح الله العيش بعدك.
وقام إليه مسلم بن عوسجة فقال: أنحن نخلي عنك ولم نعذر إلى الله تعالى في أداء حقك؟! لا والله حتى أطعن في صدورهم برمحي، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي، والله لو علمت أني اقتل ثم أحرق ثم أحيى، يفعل بي ذلك سبعين مرة ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك، فكيف لا أفعل ذلك وإنما هي قتلة واحدة، ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا!
وقام زهير بن القين فقال: والله لوددت أني قتلت ثم نشرت ثم قتلت، وهكذا ألف مرة، وأن الله سبحانه يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك.
ثم تكلم جماعة من أصحابه بكلام يشبه ما ذكرناه، فجزاهم الحسين عليه السلام خيرا وانصرف إلى مضربه).
قال علي بن الحسين عليهما السلام: (إني لجالس في تلك العشية - وعندي عمتي زينب تمرضني - إذ اعتزل أبي في خباء له وعنده جوين مولى أبي ذر الغفاري وهو يعالج سيفه - ويصلحه - وأبي يقول:
يا دهر أف لك من خليل كم لك بم الإشراق والأصيل من صاحب أو طالب قتيل والدهر لا يقنع بالبديل وإنما الأمر إلى الجليل وكل حي سالك سبيل وأعادها مرتين أو ثلاثا حتى فهمتها وعرفت ما أراد فخنقتني العبرة، فرددتها ولزمت السكوت، وعلمت أن البلاء قد نزل، وأما عمتي فإنها سمعت