ثم إنه أناخ راحلته وأمر عقبة بن سمعان فعقلها، وأقبلوا يزحفون نحوه.
فلما رأى الحر بن يزيد أن القوم قد صمموا على قتال الحسين عليه السلام قال: لعمر بن سعد: اي عمر، أتقاتل الحسين؟! قال: إي والله قتالا أيسره أن تسقط فيه الرؤوس وتطيح فيه الأيدي، قال: أفما لكم فيما عرضه عليكم رضى؟ قال: لو كان الأمر إلي لفعلت، ولكن أميرك قد أبى.
فأقبل الحر ومعه رجل من قومه يقال له: قرة بن قيس فقال له: يا قرة هل سقيت فرسك اليوم؟ قال: لا. قال قرة: فظننت أنه يريد أن يتنحى فلا يشهد القتال، ولو أنه اطلعني على الذي يريد لخرجت معه إلى الحسين عليه السلام، فأخذ يدنو من الحسين عليه السلام قليلا قليلا فقال له رجل: ما هذا الذي أرى منك؟ فقال: إني والله أخير نفسي بين الجنة والنار، فوالله ما أختار على الجنة شيئا ولو قطعت وحرقت، ثم ضرب فرسه فلحق بالحسين عليه السلام فقال له: جعلت فداك يا ابن رسول الله، أنا صاحبك الذي جعجعت بك في هذا المكان، وما ظننت أن القوم يردون عليك ما عرضته عليهم ولا يبلغون منك هذه المنزلة، والله لو علمت أن القوم ينتهون بك إلى ما أرى ما ركبت منك الذي ركبت، وإني تائب إلى الله تعالى مما صنعت، فترى لي من ذلك توبة؟
فقال الحسين عليه السلام: (نعم يتوب الله عليك فأنزل) قال: فأنا لك فارسا خير مني راجلا، أقاتلهم لك على فرسي ساعة وإلى النزول يصير اخر أمري، فقال له الحسين عليه السلام: (فاصنع - يرحمك الله - ما بدا لك).
فاستقدم أمام الحسين عليه السلام فقال: يا أهل الكوفة لأمكم الهبل والعبر، دعوتم هذا العبد الصالح حتى إذا أتاكم أسلمتموه، وزعمتم أنكم