ومددهم لقتاله أنفذ إلى عمر بن سعد: (أني أريد لقاءك) فاجتمعا فتناجيا طويلا.
ثم رجع عمر إلى مكانه وكتب إلى عبيد الله بن زياد: أما بعد: فإن الله تعالى قد أطفأ النائرة، وجمع الكلمة، وأصلح أمر الأمة، هذا حسين أعطاني عهدا أن يرجع إلى المكان الذي منه أتى أو أن يسير إلى ثغر من الثغور فيكون رجلا من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم، أو أن يأتي أمير المؤمنين يزيد فيضع يده في يده فيرى فيما بينه وبينه رأيه، وفي هذا لك رضا وللأمة صلاح.
فلما قرأ عبيد الله الكتاب قال: هذا كتاب ناصح مشفق على قومه.
فقام إليه شمر بن ذي الجوشن فقال: أتقبل هذا منه وقد نزل بأرضك وإلى جنبك؟! والله لئن رحل من بلادك ولم يضع يده في يدك ليكونن أولى بالقوة ولتكونن أولى بالضعف، فلا تعطه هذه المنزلة، ولكن لينزل على حكمك هو وأصحابه، فإن عاقبت فأنت أولى بالعقوبة، وإن عفوت كان ذلك لك.
فقال ابن زياد: نعم ما رأيت، الرأي رأيك اخرج بهذا الكتاب إلى عمر بن سعد فليعرض على الحسين وأصحابه النزول على حكمي، فإن أبوا فليقاتلهم، فإن أبى أن يقاتلهم فأنت أمير الجيش واضرب عنقه وأنفذ إلي برأسه.
وكتب إلى عمر: إني لم أبعثك إلى الحسين لتكف عنه، ولا لتطاوله، ولا لتمنيه السلامة، ولا لتعتذر له، ولا لتكون له عندي شافعا، انظر فإن نزل الحسين وأصحابه على حكمي واستسلموا فابعث بهم إلي سلما، لي ان أبوا فازحف إليهم حتى تقتلهم وتمثل بهم فإنهم لذلك مستحقون، فإن قتلت الحسين فأوطئ الخيل صدره وظهره، فإنه عاق ظلوم!! ولست أرى أن هذا يضر بعد الموت شيئا ولكن على قول قد قلته: لو قد قتلته لفعلت هذا به،