ابن عمه وقال: إنك مقتول فقال:
سأمضي وما بالموت عار على الفتى إذا ما نوى حقا وجاهد مسلما وآسى الرجال الصالحين بنفسه وفارق مثبورا وودع مجارما) فلما سمع ذلك الحر تنحى عنه.
قال عقبة بن سمعان: فسرنا معه ساعة فخفق عليه السلام هو على ظهر فرسه خفقة ثم انتبه وهو يقول: (إنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد لله رب العالمين) ففعل ذلك مرتين أو ثلاثا، فأقبل إليه علي بن الحسين عليهما السلام على فرس فقال: يا أبه فيم حمدت الله واسترجعت؟
قال: (يا بني، إني خفقت خفقة فعن لي فارس على فرس وهو يقول:
القوم يسيرون والمنايا تسري. إليهم، فعلمت أنها أنفسنا نعيت إلينا).
فقال له: يا أبه لا أراك الله سوءا، ألسنا على الحق؟
قال: (بلى والذي إليه مرجع العباد).
قال: فإننا إذن لا نبالي أن نموت محقين.
فقال له الحسين عليه السلام: (جزاك الله من ولد خير ما جزى ولدا عن والده).
فلما أصبح نزل فصلى الغداة، ثم عجل الركوب فأخذ يتياسر بأصحابه يريد أن يفرقهم فيأتيه الحر بن يزيد فيرده وأصحابه، فجعل إذا ردهم نحو الكوفة امتنعوا عليه، فلم يزالوا يتياسرون كذلك حتى انتهوا إلى نينوى المكان الذي نزل به الحسين عليه السلام، فإذا راكب على نجيب له، فلما انتهى إليهم سلم على الحر ولم يسلم على الحسين عليه السلام وأصحابه، ودفع إلى الحر كتابا من عبيد الله بن زياد، فإذا فيه: أما بعد: فجعجع بالحسين حين يبلغك كتابي ولا تنزله إلا بالعراء في غير خضر وعلى غير ماء، وقد أمرت رسولي أن يلزمك ولا يفارقك حتى يأتيني بإنفاذك أمري، والسلام.