لم يمتر في رجحان عقله وثقوب فهمه لأول بديهة، وهذا مما لا يحتاج إلى تقريره لتحققه وقد قال وهب بن منبه قرأت في أحد وسبعين كتابا فوجدت في جميعها أن النبي صلى الله عليه وسلم أرجح الناس عقلا وأفضلهم رأيا وفى رواية أخرى فوجدت في جميعها أن الله تعالى لم يعط جميع الناس من بدء الدنيا إلى انقضائها من العقل في جنب عقله صلى الله عليه وسلم إلا كحبة رمل من بين رمال الدنيا، وقال مجاهد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام في الصلاة يرى من خلفه كما يرى من بين يديه وبه فسر قوله تعالى (وتقلبك في الساجدين) وفى الموطأ عنه عليه السلام (إني لأراكم من وراء ظهري) ونحوه عن أنس في الصحيحين، وعن عائشة رضي الله عنها مثله قالت زيادة زاده الله
____________________
(قوله ابن منبه) بضم الميم وفتح النون وتشديد الموحدة: ابن سيج بمهملة مفتوحة وقيل مكسورة فمثناة تحتية ساكنة فجيم: تابعي جليل مشهور بمعرفة الكتب الماضية (قوله يرى من خلفه) ذكر مختار بن محمود الحنفي شارح القدوري ومصنف القبية في رسالته الناصرية أنه عليه السلام كان بين كتفيه عينان مثل سم الخياط يبصر منهما ولا تحجبهما الثياب وذكر النووي شرح مسلم في قوله عليه السلام إني والله لأبصر من ورائي كما أبصر من بين يدي، قال العلماء إن الله خلق له صلى الله عليه وسلم إدراكا في قفاه يبصر به من ورائه وقد انخرقت العادة له صلى الله عليه وسلم بأكثر من هذا، وقال القاضي عياض قال أحمد بن حنبل وجمهور العلماء إن هذه الرؤية رؤية عين حقيقة