قال: أما إليك فلا، وقال أبو بكر بن فورك: الخلة صفاء المودة التي توجب الاختصاص بتخلل الأسرار وقال بعضهم أصل الخلة المحبة ومعناها الإسعاف والإلطاف والترفيع والتشفيع، وقد بين ذلك في كتابه تعالى بقوله (وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه، قل فلم يعذبكم بذنوبكم) فأوجب للمحبوب أن لا يؤاخذ بذنوبه قال هذا والخلة أقوى من البنوة لأن البنوة قد تكون فيها العداوة كما قال تعالى (إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم) الآية ولا يصح أن تكون عداوة مع خلة فإذا تسمية إبراهيم ومحمد عليهما السلام بالخلة إما بانقطاعهما إلى الله ووقف حوائجهما عليه والانقطاع عمن دونه والإضراب عن الوسائط والأسباب أو لزيادة الاختصاص منه تعالى لهما وخفي ألطافه عندهما وما خالل بواطنهما من أسرار إلهيته ومكنون غيوبه ومعرفته أو لاستصفائه لهما واستصفاء قلوبهما عمن سواه حتى لم يخاللهما حب لغيره ولهذا قال بعضهم الخليل من لا يتسع قلبه لسواه وهو عندهم معنى قوله صلى الله عليه وسلم (ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا) لكن أخوة الإسلام واختلف العلماء أرباب القلوب أيهما أرفع: درجة الخلة أو درجة المحبة؟ فجعلهما بعضهم سواء فلا يكون الحبيب إلا خليلا ولا الخليل إلا حبيبا لكنه خص إبراهيم بالخلة ومحمدا
____________________
(قوله والأسرار) بفتح الهمزة جمع سر (قوله وخفي إلطافه) بالخاء المعجمة أو المهملة والإلطاف بكسر الهمزة مصدر، وبفتحها جمع لطف.