لو علي وصحبه وردوا الما * ء لما ذقتموه حتى تقولوا:
قد رضينا بما حكمتم علينا * بعد ذاك الرضا خراج ثقيل (1) فامنع القوم ماءكم ليس للقو * م بقاء وإن يكن فقليل قال: فقال معاوية: الرأي والله ما تقول! ولكن عمرو لا يدعني ورأيي.
قال: ثم أخذ معاوية عمامته عن رأسه مغضبا وقال: لا سقى الله معاوية ولا أباه من حوض محمد إن شرب علي أو أصحابه من ماء الفرات أبدا إلا أن يغلبوا عليه.
قال: فوثب رجل من أهل الشام يقال له المعراء بن الأقبل (2) بن الأهول فقال: ويحك يا معاوية! والله لو سبقك علي إلى الماء فنزل عليه من قبلك إذا لما منعك منه أبدا! ولكن أخبرني عنك أنك إذ أنت منعته الماء من هذا الموضع ألا تعلم أنه يرحل من موضعه هذا وينزل على مشرعة (3) أخرى فيشرب منه ثم يحاربك على ما صنعت؟ ألا تعلم (4) أن فيهم العبيد والإماء والضعيف ومن لا ذنب له، هذا والله أول البغي والفجور! والله لقد حملت من لا يريد قتالك على قتالك ويمنعك هذا الماء، فإن شئت فاغضب وإن شئت فارض، فإني لا أدع القول بالحق، ساءك أم سرك، ثم أنشأ يقول:
لعمر أبي معاوية بن صخر * وليس لرأيه عندي دواء (5) سوى طعن يحار العقل فيه * وضرب حين يختلط الرجاء (6) فلست بتابع دين ابن هند * طوال الدهر ما أوفى حراء وقد ذهب العتاب فلا عتاب * وقد ذهب الوفاء فلا وفاء (7) وقولي في حوادث كل أمر * على عمرو وصاحبه العفاء