وأخذ البيعة العامة له هناك، وهنأه الرجال والنساء آنذاك، وأخص منهم أبا بكر وعمر بن الخطاب، وأخذ جبرائيل العهد على عمر كيلا ينقضه حتى قريب وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأوفدهم مع أسامة ولعن من تخلف، وقد تخلفوا، ثم دعا بمحضرهم بدواة وقرطاس، ليضع العهد كتابة وقد رأينا كل ذلك وكيف كانت بمخالفة عمر أول فتنة في الاسلام، حتى إذا قرب الأجل وتمت الوصية، وبدأ علي (عليه السلام) باجراء وصية رسول الله لتغسيله وتكفينه ودفنه، اغتنم عمر فرصة اجتماع الأنصار في السقيفة فأتى إلى دار رسول الله وفيها بنو هاشم وأجل الصحابة يستدعي أبا بكر وحده من بيتهم، وكان قبلها قد خلف وراءه هو وأبو بكر جيش أسامة خارج المدينة بما في الجيش من أجل المهاجرين والأنصار وبادرا إلى السقيفة، وفي الطريق يصحبهما أبو عبيدة بن الجراح ويدخلون السقيفة وإذا بالأوس والخزرج قد اجتمعوا لانتخاب أمير بينهم وكانوا قبلها بليلة قد ألقوا التفرقة بينهما (أي بين الأوس والخزرج) واغتنموا الفرصة للخلاف بينهما فتقدم أبو بكر ليبايع أحد الرجلين عمر أو أبا عبيدة ودون علم من بني هاشم، ودون علم من الصحابة الحاضرين في تغسيل رسول الله، ودون علم من الباقين الذين هم خارج السقيفة، ودون علم من جميع الأقطار والمدن والقرى القريبة أو البعيدة، سواء كان في المدينة أو حولها، أو مكة أو حولها أو اليمن وما فيه، أو الجزيرة بما فيها من مسلمين. هكذا كانت بيعة أبي بكر وقد سبق الدخول في السقيفة تهديد عمر لكل من يقول إن رسول الله قد مات، لأن أبا بكر كان غائبا حتى إذا حضر السقيفة وبويع، انتهت مهمته وبعدها خروجه وسحب كل من شوهد في الطريق لمبايعة أبي بكر.
هذه صورة مختصرة عن الجهود التي بذلها محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى كون تلك الإمبراطورية، وبعدها الدسيسة والفتنة الكبرى للانتقاض، ونقض أبو بكر وعمر عهدهما للخلافة الاسلامية التي زعما ان الأمة أجمعت على انتخاب الخليفة، ونحن بعد أن أدرجنا مختصرا من الواقعة نعود لتفصيلها باحثين عن الامر لأنواع