واعلم أن الصاحب اسم شريف، والصحبة خطة رفيعه، سمى الله تعالى بها نفسه على لسان نبيه فقال: اللهم أنت الصاحب في السفر (1).
وسمى الله سبحانه بها رسوله، فقال تعالى: (ما ضل صاحبكم وما غوى) (2) يعني محمدا صلى الله عليه وسلم فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الأصحاب، وخير من صحب، وأصحابه خير أمة أخرجت للناس: وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجملة على قسمين: قسم يقال لهم المهاجرون، وقسم يقال لهم: الأنصار، وقسمان: السابقون الأولون، والتابعون لهم بإحسان.
فالمهاجرون أقسام: الذين أسلموا قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وفي دار الأرقم، والذين أسلموا بعد ذلك، والذين عذبوا في الله، والذين هاجروا إلى الحبشة.
ومن جهة أخرى، الصحابة قسمان: من أسلم قبل الفتح، ومن أسلم بعد الفتح، ومن شهد بدرا، وبيعة الرضوان، ومن لم يشهدهما، ثم الذين أسلموا بعد الفتح، منهم الطلقاء، ومنهم المؤلفة [قلوبهم]، ومنهم الوفود.
وقد قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي - رحمه الله -:
توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ستون ألفا، ثلاثون ألف بالمدينة، وثلاثون ألفا في غيرها.
وقال الحافظ أبو زرعة، عبيد الله بن عبد الكريم الرازي - رحمه الله -: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد رآه وسمع منه زيادة عن مائة ألف.
وقال الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، روى عنه صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف صحابي.