إداوة لوضوئه وحاجته، فبينما هو يتبعه بها فقال: من هذا؟ فقال: أنا أبو هريرة. فقال: ابغني حجارا استنفض بها، ولا تأتني بعظم ولا بروثة.
فأتيته بأحجار أحملها في طرفي ثوبي حتى وضعت إلى جنبه، ثم انصرفت، حتى إذا فرغ مشيت معه فقلت: ما بال العظم والروثة؟ قال: هما من طعام الجن، وإنه أتاني وفد جن نصبين - ونعم الجن - فسألوني الزاد، فدعوت الله لهم أن لا يمروا بعظم ولا بروثة إلى وجدا عليها طعما. [حديث رقم:
(3860)، باب ذكر الجن من كتاب مناقب الأنصار].
وخرج الترمذي من حديث زهير بن محمد، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله رضي الله تبارك وتعالى عنه، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم [على] أصحابه، فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها، فسكتوا، فقال: قرأتها على الجن ليلة الجن، وكانوا أحسن مردودا منكم، كنت كلما أتيت على قوله تعالى: (فبأي آلاء ربكما تكذبان) قالوا: لا بشئ من [نعمك] ربنا نكذب، فلك الحمد، قال أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم، عن زهير بن محمد.
قال ابن حنبل: كان زهير بن محمد هو الذي وقع بالشام ليس هو الذي يروى عنه بالعراق، كأنه رجل آخر قلبوا اسمه، يعني لما يروون عنه من المناكير. وسمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: أهل الشام يروون عن زهير بن محمد مناكير، وأهل العراق يروون عنه أحاديث مقاربة (1).
قلت: وقد روى هذا الحديث بألفاظ مختلفة، ففي بعضها لما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم (الرحمن) على الناس سكتوا، فلم يقولوا شيئا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: للجن كانوا أحسن جوابا منكم، لما قرأت عليهم: (فبأي آلاء ربكما تكذبان) قالوا: لا بشئ من آلائك ربنا نكذب (2).
وفي بعضها قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة (الرحمن) حتى ختمها، ثم قال: ما لي أراكم سكوتا، للجن كانوا أحسن منكم ردا، لما قرأت عليهم هذه