إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٩ - الصفحة ٣٧٩
وذكر ابن قتيبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل الزبير قال ابن بدر: على صدقات قومه، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب بالصدقة إلى أبي بكر رضي الله تبارك وتعالى عنه، وهي سبعمائة بعير.
قال عمر بن شبة: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: أنبأنا يوسف بن الماجشون قال: أخبرنا ابن شهاب أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله تبارك وتعالى عنه كان يلي صدقات الإبل والغنم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان بلال رضي الله تبارك وتعالى عنه يلي صدقات الثمار، وكان محمية بن جزء يلي الخمس، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل خزانة بلال التي يضع فيها الصدقات، فوجد فيها صبرة من تمر فقال:: ما هذا التمر يا بلال؟؟ قال: يا رسول الله أخذتها لنوائبك، قال: أفأمنت أن تصبح ولها في جهنم بخارا، أنفق، ولا تخش من ذي العش إقلالا، أو إقتارا (1).

(1) أخرجه البيهقي في (دلائل النبوة): 1 / 347، باب ذكر أخبار رويت في زهده صلى الله عليه وسلم في الدنيا وصبره على القوت الشديد فيها، واختياره الدار الآخرة، وما أعد الله تعالى له فيها على الدنيا.
وأخرجه أيضا في (شعب الإيمان): 2 / 118، باب (13) التوكل والتسليم، حديث رقم (1345) عن أبي هريرة رضي الله تبارك وتعالى عنه، ثم قال: خالفه روح ابن عبادة، فرواه عن عوف، عن محمد قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على بلال فوجد تمرا ادخره، فرواه مرسلا، وحديث رقم (1346) من حديث روح بن عبادة فذكر ثم قال:
ورواه مبارك ابن فضالة، عن يونس، عن عبيد عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة موصولا، وقال في هامشه: قال الهيثمي في (مجمع الزوائد): 3 / 126: رواه الطبراني في الكبير، وفيه مبارك بن فضالة، وهو ثقة وفيه كلام، وبقية رجاله رجال الصحيح، ورواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن.
قال في (كشف الخفاء): 1 / 210 - 211، حديث رقم (635): رواه الطبراني في الكبير، والقضاعي في مسنده عن ابن مسعود قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم على بلال وعنده صبرة من تمر فقال: ما هذا يا بلال؟ قال يا رسول الله: ذخرته لك ولضيفانك، فقال أما تخشى أن يفور لها بخار من جهنم أنفق بلال - الحديث، وذكره النجم عن أبي هريرة أيضا بلفظ أما تخشى يا بلال أن ترى له بخارا في نار جهنم.
ورواه العسكري في (الأمثال) وكذا البزار في مسنده عن عائشة بلفظ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أطعمنا يا بلال فقال: يا رسول الله ما عندي إلا صبرة من تمر خبأته لك، فقال: أما تخشى أن يقذف به في نار جهنم أنفق - الحديث، وأخرجه البزار أيضا عن أبي هريرة بلفظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على بلال وعنده صبره من تمر فقال ما هذا قال أدخره فقال أما تخشى أن ترى له بخارا في نار جهنم أنفق - الحديث، ورواه البيهقي في الشعب عن أبي هريرة مرفوعا، ورواه أيضا مرسلا عن ابن سيرين، ورواه أبو يعلى بلفظ أنفق يا بلال ولا تخافن من ذي العرش إقلالا.
قال في (المقاصد): وما يحكى على لسان كثيرين في لفظ الحديث وإنه " بلالا " ويتكلفون في توجيهه بكونه نهيا عن المنع وبغير ذلك فشئ لم أقف له على أصل. انتهى، وأقول مما قيل فيه أن أصله أنفق بلال، قولك: ومنه إن مصدر بل يبل مشدد اللام، وقد وجهه الجلال السيوطي في (الأشباه والنظائر) النحوية بأنه من الاتباع وإن كان منادى مفردا علما، وعبادته فيها ومنه اتباع كلمة في التنوين لكلمة أخرى منونة صحبتها كقوله تعالى (وجئتك من سبأ بنبأ)، (إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا وأغلالا)، في قراءة من نون الجميع، وحديث أنفق بلالا ولا تخش من ذي العرش. انتهى، وقال في (الهمع) أواخر الكتاب الخامس: روى البزار في مسنده وغيره: أنفق بلالا ولا تخش من ذي العرش إقلالا، نون المنادى المعرفة ونصبه لمناسبة إقلالا. انتهى، وأقول ظاهر كلامه في الكتابين أن الرواية بالنصب، ومقتضى ما في المقاصد أنه بالضم فليراجع، وكلام السيوطي لا يفيد حصر الرواية بالنصب.
(٣٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 ... » »»
الفهرست