إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٩ - الصفحة ٣٨٣
وقد اختصره أبو داود (1)، ولم يذكر الزكاة أيضا، ولأحمد من حديث وكيع أنبأنا العمري، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم، بعث ابن رواحة إلى خيبر، يخرص عليهم، ثم خيرهم أن يأخذوا أو يردوا، فقالوا: هذا الحق بهذا قامت السماوات والأرض (2).
وذكر ابن إسحاق أن عبد الله بن رواحة، خرص عاما واحدا، ثم أصيب بموته، وكان جبار بن صخر أخو بني سلمة، هو الذي يخرص عليهم بعد عبد الله بن رواحة، وكان جبار جاء من أهل المدينة وحاسبهم.
وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعث سهل بن خثيمة خارصا خيبر.
وقال ابن شهاب، عن عتاب بن أسد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه، وأمره أن يخرص العنب، كما يخرص النخل، وأن يأخذ زكاة العنب زبيبا، كما يأخذ زكاة النخل تمرا، وذكره أبو داود (3)، وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن

(١) (سنن أبي داود): ٣ / ٦٩٩، كتاب البيوع والإجارات، باب (٣٦) في الخرص، حديث رقم (٣٤١٣)، (٣٤١٤)، (٣٤١٥)، بأسانيد وسياقات مختلفة.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) (سنن أبي داود): ٢ / ٢٥٧، كتاب الزكاة، باب (١٣) في خرص العنب، حديث رقم (١٦٠٣)، قال الخطابي في (معالم السنن): إنما يخرص من الثمر ما يحيط به البصر بارزا لا يحول دونه حائل ولا يخفى موضعه في خلال ورق الشجر، والعنب في هذا المعنى كثمر النخل.
فأما سائر الثمار فإنها لا تجري فيها الخرص لأن هذا المعنى فيها معدوم وفائدة الخرص ومعناه أن الفقراء شركاء أرباب الأموال في الثمر فلو منع أرباب المال من حقوقهم ومن الانتفاع بها إلى أن تبلغ الثمرة غاية جفافها لأضر ذلك بهم، ولو انبسطت أيديهم فيها لأخل ذلك بحصة الفقراء منها إذ ليس مع كل أحد من التقية ما تقع به الوثيقة في أداء الأمانة فوضعت الشريعة هذا المعيار ليتوصل به أرباب الأموال إلى الانتفاع ويحفظ على المساكين حقوقهم. وإنما يفعل ذلك عند أول وقت " بدو " صلاحها قبل أن يؤكل ويستهلك ليعلم حصة الصدقة منها فيخرج بعد الجفاف بقدرها تمرا وزبيبا.
وفيه دليل على صحة القسمة في الثمار بين الشركاء بالخرص لأنه إذا صح أن يكون عيارا في إفراز حصة الفقراء من حصة أرباب الأموال كان كلك عيارا في إفراز حصص الشركاء.
قلت: ولم يختلف أحد من العلماء في وجوب الصدقة في التمر والزبيب، واختلفوا في وجوب الصدقة في الزيتون، فقال ابن أبي ليلى: لا زكاة فيه لأنه " أدم غير مأكول بنفسه وهو آخر قولي الشافعي وأوجبها أصحاب الرأي وهو قول مالك والأوزاعي والثوري إلا أنهم اختلفوا في كيفية ما يؤخذ من الواجب فيه فقال أصحاب الرأي: يؤخذ من ثمرته العشر أو نصف العشر.
قال الأوزاعي: يؤخذ العشر منه بعد أن يعصر زيتا صافيا.
وأما الحبوب فقد اختلف العلماء فيها فقال أصحاب الرأي تجب الصدقة في الحبوب ما كان مقتاتا منها أو غير مقتات.
وقال الشافعي: كل ما جمع من الحبوب أن يزرعه الآدميون وييبس ويدخر ويقتات ففيه الصدقة، فأما ما يتفكه به أو ما يؤتدم به أو يتداوى به فلا شئ فيه.
وأخرجه الترمذي في الزكاة باب في الخرص حديث (644)، وقال: [هذا حديث حسن غريب] وابن ماجة في الزكاة باب خرص النخل والعنب حيث (1819) قال الترمذي: [وقد روى ابن جريج هذا الحديث عن عروة عن عائشة، وسألت محمدا - يعني البخاري - عن هذا، فقال: حديث ابن جريج غير محفوظ وحديث سعيد بن المسيب عن عتاب بن أسيد أصح].
قال المنذري: [وذكر غيره أن هذا الحديث منقطع، وما ذكره ظاهر جدا، فإن عتاب بن أسيد توفي في اليوم الذي توفي فيه أبو بكر الصديق رضي الله عنهما، ومولد سعيد بن المسيب في خلافة عمر، سنة خمسة عشرة، على المشهور، وقيل: كان مولده بعد ذلك، والله أعلم].
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 389 390 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر عمرات رسول الله صلى الله عليه وسلم التي اعتمرها بعد هجرته 3
2 عمرة القضاء 17
3 عمرة الجعرانة 22
4 فصل في ذكر حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة 25
5 فصل في ذكر من حدث عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم 38
6 فأما ما أخبر به صلى الله عليه وسلم عن رب العزة جلت قدرته 38
7 وأما الأحاديث الإلهية 46
8 وأما الحكمة وهي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم 48
9 وأما مجيء الجبال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 51
10 وأما إنزال الملك يبشره بالفاتحة وبالآيتين من سورة البقرة 52
11 وأما الملك الذي نزل بتصويب الحباب 52
12 وأما اجتماعه بالأنبياء ورؤيتهم في ليله الإسراء 53
13 وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إبراهيم عليه السلام 53
14 وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تميم الدارس 62
15 وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قس بن ساعدة 68
16 وأما حديثه صلى الله عليه وسلم عن أبي كبشة 70
17 فصل في ذكر من حديث وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه 70
18 إسلام الجن وإنذارهم 70
19 وأما الصحابة رضوان الله عليهم 81
20 أما المهاجرون 85
21 ذكر هجرة الذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة 87
22 وأما السابقون الأولون 88
23 وأما الذين أسلموا إلى أن خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من دار الأرقم 91
24 وأما المستضعفون الذين عذبوا في الله 105
25 وأما المهاجرون إلى الحبشة 115
26 وأما من أسلم قبل الفتح 117
27 وأما الذين شهدوا بدرا وبيعة الرضوان 121
28 وأما رفقاؤه النجباء 128
29 وأما أهل الفتيا من أصحابه صلى الله عليه وسلم 130
30 فصل في ذكر أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم 169
31 فصل في ذكر نزول الأوس والخزرج بيثرب 171
32 فصل في ذكر بطون الأوس والخزرج 175
33 فصل في ذكر ما أكرم الله تعالى به الأوس والخزرج 178
34 أول من لقيه من الأوس سويد بن الصامت 184
35 ثم لقى صلى الله عليه وسلم بعد لقاء سويد بن الصامت فتية من بني عبد الأشهل 185
36 وكان من خبر يوم بعاث 187
37 فصل في ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وهجرته إلى المدينة 193
38 فصل في ذكر مواساة الأنصار المهاجرين بأموالهم لما قدموا عليهم المدينة 204
39 فصل في ذكر من بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم الأنصار وغيرهم القرآن ويفقهم في الدين 206
40 عقوبة من سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 209
41 فصل في التنبيه على شرف مقام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 221
42 وأما وصاياه صلى الله عليه وسلم 222
43 فصل في ذكر أمراء سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم 223
44 فأما اعتذاره عن التخلف 223
45 فصل في ذكر من أستخلفه رسول اله صلى الله عليه وسلم على المدينة في غيبته عنها في غزو، أو حج، أو عمرة 226
46 فصل في ذكر من استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيوشه عند عودته صلى الله عليه وسلم 228
47 فصل في نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرعب 237
48 فصل في ذكر شورة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحرب وذكر من رجع إلى رأيه 240
49 فصل في ذكر ما كان يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا 267
50 فصل في ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد غزوة ورى بغيرها 268
51 فصل في وقت إغارة رسول الله صلى الله عليه وسلم 269
52 فصل في ذكر الوقت الذي يقاتل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم 271
53 فصل في ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين في محاربتهم 272
54 فصل في ذكر شعار رسول الله صلى الله عليه وسلم في حروبه 275
55 فصل في ذكر المغازي التي قاتل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم 277
56 فصل في ذكر ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم من الغنيمة 279
57 فصل في ذكر من جعله النبي صلى الله عليه وسلم على مغانم حروبه 290
58 فصل في ذكر من كان على ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم 301
59 فصل في ذكر من حدا برسول الله صلى الله عليه وسلم في أسفاره 302
60 فصل في ذكر وزير رسول الله صلى الله عليه وسلم 318
61 فصل في ذكر صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم 322
62 فصل في ذكر خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يختم به 335
63 فصل في ذكر ما كان يختم به رسول الله صلى الله عليه وسلم كتبه 337
64 فصل في ذكر صاحب خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم 338
65 فصل في ذكر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابة الجيش وقسمة العطاء فيهم وعرضهم وعرفائهم 339
66 فصل في ذكر ما أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأرضية ونحوه 358
67 فصل في ذكر أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية والخراج 365
68 فصل في ذكر عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجزية 375
69 فصل في ذكر عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الزكاة 376
70 فصل في ذكر الصدقة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم 380
71 فصل في ذكر الخارص على عهد رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم 381
72 فصل في ذكر من ولى السوق في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعرف هذه الولاية اليوم بالحسبة، ومتوليها له المحتسب 386