إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٩ - الصفحة ٣٢٣
(والليل إذا يغشى) فقرأت عليه (والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى) فقال: والله لقد أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من فيه إلى في.
ومن حديث شعبة عن مغيرة عن إبراهيم قال: ذهب علقمة إلى الشام فلما دخل المسجد قال: اللهم يسر لي جليسا صالحا، فجلس إلى أبي الدرداء، فقال أبو الدراء: ممن أنت؟ قال من أهل الكوفة. قال: أليس فيكم - أو منكم صاحب السر الذي لا يعلمه غيره؟ يعني حذيفة. قال: قلت بلى. قال أليس فيكم - أو منكم - الذي أجاره الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم؟ يعني من الشيطان، يعني عمارا، قلت: بلى. قال: أليس فيكم - أو منكم - صاحب السواك، والوساد، أو السرار؟ قال: بلى. قال: كيف كان عبد الله يقرأ: (والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى)؟ قلت: (والذكر والأنثى)، قال: ما زال بي هؤلاء حتى كادوا يستنزلوني عن شئ سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم. ذكرهما في مناقبهما (1) وذكر في كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من حديث شعبة قريبا (2)

(١) (فتح الباري): ٧ / ١١٤، كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب (٢٠) مناقب عمار وحذيفة، رضي الله عنهما، حديث رقم (٣٧٤٣).
قوله: " قال: أو ليس عندكم ابن أم عبد " يعني عبد الله بن مسعود، ومراد أبي الدرداء بذلك أنه فهم منهم أنهم قدموا في طلب العلم، فبين لهم أن عندهم من العلماء من لا يحتاجون معهم إلى غيرهم، ويستفاد منه أن المحدث لا يرحل عن بلده حتى يستوعب ما عند مشايخها.
قوله: " صاحب النعلين " أي نعلي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عبد الله بن مسعود يحملها.
قوله: " الذي أجاره الله من الشيطان، يعني على لسان نبيه " زعم ابن التين أن المراد بذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ويح عمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار " وهو محتمل، ويحتمل أن يكون المراد بذلك حديث عائشة رضي الله تبارك وتعالى عنها مرفوعا: " ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أرشدهما أخرجه الترمذي.
ولأحمد من حديث ابن مسعود مثله، أخرجهما الحاكم، فكونه يختار أرشد الأمرين دائما يقتضي أنه أجير من الشيطان.
قوله: " والوساد " في رواية شعبة: " صاحب السواك - بالكاف - أو السواد بالدال، ووقع في رواية الكشميهني هنا: " الوساد " ورواية غيره أوجه. والسواد: السرار - براءين - يقال: ساودته سوادا أي ساررته سرارا، وأصله أدنى السواد، وهو الشخص من السواد.
قوله: " والمطهرة " في رواية السرخسي " والمطهر " بغير هاء، وأغرب الداودي فقال: معناه أنه لم يكن يملك من الجهاز غير هذه الأشياء الثلاثة، وكذا قال، وتعقب ابن التين كلامه فأصاب، وقد روى مسلم عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: " إذنك على أن ترفع الحجاب وتمسع سوادي " أي سراري، وهي خصوصية لابن مسعود.
قوله: " أو ليس فيكم صاحب سر النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يعلم أحد غيره " كذا فيه بحذف المفعول، وفي رواية الكشميهني " الذي لا يعلمه " والمراد بالسر ما أعلمه به النبي صلى الله عليه وسلم من أحوال المنافقين.
قوله: ثم قال كيف يقرأ عبد الله " يعني ابن مسعود، وفي هذا بيان واضح أن قراءة ابن مسعود كانت كذلك، وفي رواية إسرائيل عن مغيرة في المناقب (والليل إذا يغشى والذكر والأنثى) بحذف (والنهار إذا تجلى) كذا في رواية أبي ذر، وأثبتها الباقون، ومن عداهم قرأوا (وما خلق الذكر والأنثى) وعليها استقر الأمر مع قوة إسناد ذلك إلى أبي الدرداء ومن ذكر معه.
والعجب من نقل الحفاظ من الكوفيين هذه القراءة على علقمة وعن ابن مسعود، وإليها تنتهي القراءة بالكوفة، ثم لم يقرأ بها أحد منها، وكذا أهل الشام، حملوا القراءة عن أبي الدرداء: ولم يقرأ أحد منهم بهذا، فهذا مما يقوي أن التلاوة بها نسخت.
(فتح الباري): 7 / 115 - 116، 8 / 917 مختصرا.
(2) (فتح الباري): 7 / 114، كتاب فضائل أصحاب النبي، باب (20) مناقب عمار وحذيفة رضي الله تبارك وتعالى عنهما، حديث رقم (3743).
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر عمرات رسول الله صلى الله عليه وسلم التي اعتمرها بعد هجرته 3
2 عمرة القضاء 17
3 عمرة الجعرانة 22
4 فصل في ذكر حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة 25
5 فصل في ذكر من حدث عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم 38
6 فأما ما أخبر به صلى الله عليه وسلم عن رب العزة جلت قدرته 38
7 وأما الأحاديث الإلهية 46
8 وأما الحكمة وهي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم 48
9 وأما مجيء الجبال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 51
10 وأما إنزال الملك يبشره بالفاتحة وبالآيتين من سورة البقرة 52
11 وأما الملك الذي نزل بتصويب الحباب 52
12 وأما اجتماعه بالأنبياء ورؤيتهم في ليله الإسراء 53
13 وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إبراهيم عليه السلام 53
14 وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تميم الدارس 62
15 وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قس بن ساعدة 68
16 وأما حديثه صلى الله عليه وسلم عن أبي كبشة 70
17 فصل في ذكر من حديث وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه 70
18 إسلام الجن وإنذارهم 70
19 وأما الصحابة رضوان الله عليهم 81
20 أما المهاجرون 85
21 ذكر هجرة الذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة 87
22 وأما السابقون الأولون 88
23 وأما الذين أسلموا إلى أن خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من دار الأرقم 91
24 وأما المستضعفون الذين عذبوا في الله 105
25 وأما المهاجرون إلى الحبشة 115
26 وأما من أسلم قبل الفتح 117
27 وأما الذين شهدوا بدرا وبيعة الرضوان 121
28 وأما رفقاؤه النجباء 128
29 وأما أهل الفتيا من أصحابه صلى الله عليه وسلم 130
30 فصل في ذكر أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم 169
31 فصل في ذكر نزول الأوس والخزرج بيثرب 171
32 فصل في ذكر بطون الأوس والخزرج 175
33 فصل في ذكر ما أكرم الله تعالى به الأوس والخزرج 178
34 أول من لقيه من الأوس سويد بن الصامت 184
35 ثم لقى صلى الله عليه وسلم بعد لقاء سويد بن الصامت فتية من بني عبد الأشهل 185
36 وكان من خبر يوم بعاث 187
37 فصل في ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وهجرته إلى المدينة 193
38 فصل في ذكر مواساة الأنصار المهاجرين بأموالهم لما قدموا عليهم المدينة 204
39 فصل في ذكر من بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم الأنصار وغيرهم القرآن ويفقهم في الدين 206
40 عقوبة من سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 209
41 فصل في التنبيه على شرف مقام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 221
42 وأما وصاياه صلى الله عليه وسلم 222
43 فصل في ذكر أمراء سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم 223
44 فأما اعتذاره عن التخلف 223
45 فصل في ذكر من أستخلفه رسول اله صلى الله عليه وسلم على المدينة في غيبته عنها في غزو، أو حج، أو عمرة 226
46 فصل في ذكر من استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيوشه عند عودته صلى الله عليه وسلم 228
47 فصل في نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرعب 237
48 فصل في ذكر شورة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحرب وذكر من رجع إلى رأيه 240
49 فصل في ذكر ما كان يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا 267
50 فصل في ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد غزوة ورى بغيرها 268
51 فصل في وقت إغارة رسول الله صلى الله عليه وسلم 269
52 فصل في ذكر الوقت الذي يقاتل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم 271
53 فصل في ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين في محاربتهم 272
54 فصل في ذكر شعار رسول الله صلى الله عليه وسلم في حروبه 275
55 فصل في ذكر المغازي التي قاتل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم 277
56 فصل في ذكر ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم من الغنيمة 279
57 فصل في ذكر من جعله النبي صلى الله عليه وسلم على مغانم حروبه 290
58 فصل في ذكر من كان على ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم 301
59 فصل في ذكر من حدا برسول الله صلى الله عليه وسلم في أسفاره 302
60 فصل في ذكر وزير رسول الله صلى الله عليه وسلم 318
61 فصل في ذكر صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم 322
62 فصل في ذكر خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يختم به 335
63 فصل في ذكر ما كان يختم به رسول الله صلى الله عليه وسلم كتبه 337
64 فصل في ذكر صاحب خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم 338
65 فصل في ذكر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابة الجيش وقسمة العطاء فيهم وعرضهم وعرفائهم 339
66 فصل في ذكر ما أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأرضية ونحوه 358
67 فصل في ذكر أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية والخراج 365
68 فصل في ذكر عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجزية 375
69 فصل في ذكر عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الزكاة 376
70 فصل في ذكر الصدقة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم 380
71 فصل في ذكر الخارص على عهد رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم 381
72 فصل في ذكر من ولى السوق في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعرف هذه الولاية اليوم بالحسبة، ومتوليها له المحتسب 386