فقال الآخرون: لم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا، وقد أذل الله المشركين وهزمهم فادخلوا العسكر، وانتهبوا مع إخوانكم، فخطبهم عبد الله بن [حمير]، فحمد الله، وأثنى عليه، وأمر بطاعته، وطاعة رسوله، فعصوا، وانطلقوا حتى لم يبق معه إلا دون العشرة، ومضوا إلى عسكر المشركين ينتهبون، فبين المسلمون قد شغلوا بالنهب، وضع الرماة [...] دخل المشركون عليهم وهم غارون [آمنون]، فوضعوا فيهم السيوف، فقتلوا فيهم قتلا ذريعا، وتفرق المسلمون في كل وجه.
وكر خالد بن الوليد، وعكرمة بن أبي جهل إلى موضع الرماة، فحملوا على من بقي منهم، فرموهم حتى أصيبوا، ورمى عبد الله بن جبير، حتى فنيت نبله، ثم طاعن بالرمح حتى انكسر، ثم كسر جفن سيفه، فقاتلهم حتى قتل شهيدا رضي الله تبارك وتعالى عنه.
ولما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير، ورجع بعد أن صلى العشاء إلى بيته في عشرة من أصحابه، استعمل علي بن أبي طالب، رضي الله تبارك وتعالى عنه، ثم لما رجع من الغداة أمر بنخل بني النضير، فقطعت، وحرقت، واستعمل على قطعها أبا ليلى، عبد الرحمن بن كعب بن عمرو الأنصاري المازني، أخا عبد الله بن كعب المازني، و عبد الله بن سلام بن الحارث، أبا يوسف الإسرائيلي، حليف الأنصار، فكان أبو ليلى يقطع العجوة، وكان عبد الله بن سلام يقطع اللون، فقيل لهما في ذلك، فقال أبو ليلى: كانت العجوة أحرق لهم، وقال عبد الله بن سلام: قد عرفت أن الله سيغنمه أموالهم، وكانت العجوة خير أموالهم، [فنزل] في ذلك رضاء بما [صنعنا جميعا] قول الله عز وجل: (ما قطعتم من لينة)، ألوان النخل الذي فعل بن سلام، (أو تركتموها قائمة على أصولها)، يعني العجوة، [فبإذن الله]، وقطع أبو ليلى العجوة، (وليخزي الفاسقين) يعني بني النضير، [رضا] من الله تعالى، بما صنع الفريقان جميعا ولما نزل بنو قريظة على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بأسراهم، فكتفوا رباطا، وجعل على كتافهم محمد بن مسلمة الأنصاري رضي الله تبارك وتعالى عنه، [ونحوا