وخرجه مسلم (1) من حديث جرير، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله تبارك وتعالى عنه، وكرراه من طرق، وخرجه النسائي أيضا. (2).
وذلك كله من غير مجاهدة نفس، ولا تكلف الهواجر، [ومقاساة] شدة الظمأ، ولا قيام ليل طويل، ولا استغراق الأوقات في الذكر، بل بإفاضة نور النبوة عليه، قد استحال في أقل من طرفة عين هذه الاستحالة الشريفة وارتقى إلى أعلى مقام تتقاصر أعمال العاملين من بعده بأسرهم عن بلوغه.
وأنت إن كنت ممن سلك طريق الله، فإنك تعلم إن إجابة من إجابات الحق [توازي] عمل الثقلين، هذا في حق الأتباع الذين سلكوا منهاج الصحابة وأما الصحبة، فأين الثريا من يد المتناول هيهات أن يحصى الرمل، أو يحصر القطر، فالزم الأدب مع الحق، وقف مع حذاك من العبودية، [وأد إلى كل] إلى كل ذي حق حقه، ولا تكونن من المعقدين فتردى أسفل سافلين، وتعجز عن الوصول إلى منازل العارفين والله يهدي من يشاء بمنه.
وهم مع هذه الفضائل الجمة، قد برأهم الله تعالى ونزههم عن أن يماري أحد فيما يسمع من الكتاب والسنة أو يجادل فيه، ولم يكن بينهم على ذلك بدعة ولا ضلالة، وإذا صلى أحد منهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلوات المفروضة، أو حج واعتمر، أو جاهد في سبيل الله من صد عن سبيله وكفر، أو أدى زكاة ماله، أو [حض] من يؤديها، أو شاهد قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في شئ، أغناه ذلك عن التكلف والدوب في طلب علم الفقه، ومعاناة المشفقة في حفظه ودراسته.
ولم يكونوا رضي الله تبارك وتعالى عنهم مع هذا محتاجين إلى تجربة، ولا سلوك، ولا رياضة، ولا دخول خلوة، ولا سياحة، بل كانوا لمجرد رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهم، أو دعايته إياه إلى الإسلام، يحصل له