أجل مقامات العارفين، وأعلى منازل المقربين، و [أعلى] درجات الصديقين، من غير صيام نهار، ولا قيام ليل، ولا مجاهدة نفس، ولا تهذيب أخلاق، بل يستحيل في تلك اللحظة [صديقا] مقربا، ووليا لله عارفا، وحبرا من أحبار الأمة عالما قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وواقفه فيما بقي من عمره وحفظه.
واعتبر بحال أمير المؤمنين، أبي حفص، عمر بن الخطاب رضي الله تبارك وتعالى عنه، كيف كان أشد الناس في عداوة الله [عز وجل] ورسوله صلى الله عليه وسلم، حتى لقد هم بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما هو إلا أن وقف على دار الأرقم، وطرق الباب، فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقاه، وعانقه، وضرب صدره ثلاث مرات، وهو يقول: اللهم أخرج ما في صدره من غل، وأبدله إيمانا، فللحال انصبغ عمر رضي الله تبارك وتعالى عنه، واستحال بعد الشرك بالله، وعبادة الأصنام، والأوثان، والطواغيت، وبذل الجهد في إطفاء نور الله، ما سلك فجا، إلا سلك الشيطان فجا غيره، ولو كان بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم نبي لكان عمر.