قال: فتلخص أن سب أبي بكر رضي الله تبارك وتعالى عنه، على مذهب أبي حنيفة، وأحمد [رحمهما الله]، وأحد الوجهين عند الشافعي، كفر، أما مالك، فالمشهور أنه أوجب به الجلد فيقتضي أنه ليس كفر ولم أر عنه خلاف ذلك إلا ما قدمته في الخوارج فيخرج عنه أنه كفر فتكون [المسألة] عنده على حالين: إن اقتصر على سب من غير تكفير، يكفروا، إن كفر فالرافضي قد زاد إلى تكفير فهو كافر عند مالك وأبي حنيفة، وأحد وجهي الشافعي، وزنديق عند أحمد، بتعرضه إلى عثمان رضي الله تبارك وتعالى عنه المتضمن تخطئة المهاجرين والأنصار، وكفره كفر ردة، لأن حكمه قبل ذلك حكم المسلمين والمرتد يستتاب، فإن تاب، وإلا قتل وهذا استنيب، فلم يتب، يعني في رافضي قتل في زمانه.
قال: فكان قتله على مذهب جمهور العلماء، أو جمعيهم، لأن القائل بأن الساب لا يكفر، لم يتحقق منه أنه يطرده فيمن يكفر أعلام الصحابة رضي الله تبارك وتعالى عنهم، فأحد الوجهين عندنا، إنما اقتصر على الفسق، في مجرد السب دون التكفير، وكذلك الإمام أحمد، إنما عن قتل من لم يصدر منه إلى السب والذي صدر من هذا أعظم من السب.
ومن جملة المنقول: قول الطحاوي - أحد أئمة الحنفية - في (عقيدته) (1) في الصحابة: وبعضهم كفر، وهذا يحتمل أن يحمل على مجموع الصحابة رضي الله تبارك وتعالى عنهم، ويحتمل أن يحمل على كل واحد منهم إذا أبغضه [لا] لأمر خاص به، لا بل مجرد صحبته رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شك أن ذلك كفر، لأنه لا يبغضه لصحبته رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو يبغض رسول الله صلى الله عليه وسلم وبغض رسول الله صلى الله عليه وسلم كفر.
ويحتمل أن يحمل على ما إذا أبغض صحابيا، لا لأمر من الأمور، و القول بأن هذا وحده كفر يحتاج إلى دليل، وأما إذا أبغضه لشحناء بينهما دنيوية، ونحوها، فلا يظهر كفره، والرافضي ومن أشبهه، بغضهم لأبي بكر، وعمر، وعثمان رضي الله تبارك وتعالى عنهم، لا شك أنه ليس لأجل