[فقال الآخرون: لم يرد رسول الله هذا، وقد أذل الله المشركين وهزمهم، فادخلوا العسكر فانتهبوا مع إخوانكم يقول رافع بن خديج: فكنا أتينا من قبل أنفسنا ومعصية نبينا، واختلط المسلمون وصاروا يقتلون ويضرب بعضهم بعضا، ما يشعرون به من الدهشة والعجل. ولقد جرح يومئذ أسيد بن حضير جرحين، ضربه أحدهما أبو بردة وما يدري، يقول: خذها وأنا الغلام الأنصاري! وكر أبو زغنة في حومة القتال فضرب أبا بردة ضربتين وما يشعر، إنه يقول: خذها وأنا أبو زغنة! حتى عرفه بعد ذلك، فكان إذا لقيه قال: انظر إلى ما صنعت بي، فيقول له أبو زغنة: أنت ضربت أسيد ابن حضير ولا تشعر، ولكن هذا الجرح في سبيل الله] (١).
[فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم: هو في سبيل الله، يا أبا بردة لك أجره، حتى كأنه ضربك أحد من المشركين، ومن قتل فهو شهيد] (١).
[وكانت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم خرجت في نسوة تستروح الخبر - ولم يضرب الحجاب يومئذ - حتى إذا كانت بمنقطع الحرة وهي هابطة من بني حارثة إلى الوادي، لقيت هند بنت عمرو بن حرام، أخت عبد الله بن عمرو ابن حرام تسوق بعيرا لها، عليه زوجها عمرو بن الجموح، وابنها خلاد بن عمرو، وأخوها عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر، فقالت عائشة - رضي الله عنها - عندك الخبر، فما وراءك؟ فقالت: هند: خيرا، أما رسول الله فصالح، وكل مصيبة بعده جلل] (١).
[واتخذ الله من المؤمنين، شهداء، ﴿ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال، وكان الله قويا عزيزا﴾ (2)].