إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٨ - الصفحة ٣١٩
ابن عدي، هاديا خريتا - والخريت: الماهر بالهداية - قد غمس حلفا في آل العاصي بن وائل السهمي، وهو على دين كفار قريش، فأمناه، فدفعا إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث ليال، وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل، فأخذ بهم طريق السواحل (1).

(١) (فتح الباري): ٧ / ٢٩١ - ٢٩٣، كتاب مناقب الأنصار، باب (٤٥) هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، حديث رقم (٣٩٠٥).
قوله: (برك الغماد): موضع باليمن.
قوله: (ابن الدغنة): فتح الغين، وقيل: إن ذلك كان لاسترخاء في لسانه، والصواب الكسر، وثبت بالتخفيف والتشديد من طريق، وهي أمه، وقيل: أم أبيه، وقيل: دابته، ومعنى الدغنة المسترخية، وأصلها الغمامة الكثيرة المطر.
واختلف في اسمه، فعند البلاذري من طريق الواقدي، عن معمر عن الزهري أنه الحارث بن يزيد، وحكى السهيلي أن اسمه مالك، وقيل غير ذلك.
قوله: (وهو سيد القارة)، بالقاف وتخفيف الراء، وهي قبيلة مشهورة من بني الهون - بالضم والتخفيف - ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، وكانوا حلفاء بني زهرة من قريش، وكانوا يضرب بهم المثل في قوة الرمي.
قوله: (أخرجني قومي)، أي تسببوا في إخراجي.
قوله: (فأريد أن أسيح)، بالمهملتين، لعل أبا بكر طوى عن ابن الدغنة تعيين جهة مقصدة لكونه كافرا، وإلا فقد تقدم أنه قصد التوجه إلى أرض الحبشة، ومن المعلوم أنه لا يصل إليها من الطريق التي قصدها، حتى يسير في الأرض وحده زمانا، فيصدق أنه سائح، ولكن حقيقة السياحة أن لا يقصد موضعا بعينه يستقر فيه.
قوله: (وتكسب المعدوم) - أو المعدم في رواية - وقد تقدم شرح هذه الكلمات في حديث بدء الوحي، وفي موافقة وصف ابن الدغنة لأبي بكر رضي الله عنه بمثل ما وصفت به خديجة النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على عظيم فضل أبي بكر، واتصافه بالصفات البالغة في أنواع الكمال.
قوله: (فيتقذف) بالمثناة والقاف والذال المعجمة الثقيلة، أي يزدحمون عليه حتى يسقط بعضهم على بعض فيكاد ينكسر.
قوله: (بكاء) بالتشديد أي كثير البكاء.
قوله: (لا يملك عينيه)، أي لا يطيق إمساكها عن البكاء من رقة قلبه، وقوله: (إذا قرأ)، إذ ظرفية، والعامل فيه لا يملك، أو هي شرطية والجزاء مقدر.
قوله: (فأفزع ذلك) أي أخاف الكفار لما يعلمونه من رقة قلوب النساء والشباب أن يميلوا إلى دين الإسلام.
قوله: (نخفر له) بضم أوله وبالخاء المعجمة وكسر الفاء، أي نغدر بك، يقال: خفره إذا حفظه، وأخفره إذا غدر به.
قوله: (مقرين لأبي بكر الاستعلان) أي لا نسكت عن الإنكار عليه للمعنى الذي ذكروه من الخشية على نسائهم وأبناءهم أن يدخلوا في دينه.
قوله: (وأرضى بجوار الله) أي أمانته وحمايته، وفيه جواز الأخذ بالأشد في الدين - وقوة يقين أبي بكر رضي الله عنه.
قوله: (ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة)، أي لما سمعوا باستيطان المسلمين المدينة، رجعوا إلى مكة، فهاجر إلى أرض المدينة معظمهم لا جميعهم، لأن جعفرا ومن معه تخلفوا في الحبشة، وهذا السبب في مجئ مهاجرة الحبشة غير السبب المذكور في مجئ من رجع منهم أيضا في الهجرة الأولى، لأن ذاك كان بسبب سجود المشركين مع النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين في سورة النجم، فشاع أن المشركين أسلموا وسجدوا، فرجع من رجع من الحبشة، فوجدوهم أشد ما كانوا.
قوله: (الخبط) بفتح المعجمة والموحدة ما يخبط بالعصا فيسقط من ورق الشجر. قاله ابن فارس.
قوله: (في نحر الظهيرة)، أي أول الزوال، وهو أشد ما يكون في حرارة النهار، والغالب في أيام الحر القيلولة فيها، وفي رواية ابن حبان: (فأتاه ذات يوم ظهرا)، وفي حديث أسماء بنت أبي بكر عند الطبراني: (كان يأتينا بمكة كل يوم مرتين بكرة وعشية، فلما كان يوم من ذلك جاءنا في الظهيرة، فقلت: يا أبت هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: (هذا رسول الله متقنعا)، أي مغطيا رأسه، وفي رواية موسى بن عقبة عن ابن شهاب، قلت عائشة: (وليس عند أبي بكر إلا أنا وأسماء).
وفي هذا الحديث جواز ليس الطيلسان، وجزم ابن القيم بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يلبسه ولا أحد من أصحابه، وأجاب عن الحديث بأن التقنع يخالف التطليس.
قال: ولم يكن يفعل التقنع عادة بل للحاجة، وتعقب بأن في حديث أنس: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر التقنع). وفي (طبقات ابن سعد) مرسلا: (ذكر الطيلسان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هذا ثوب لا يؤدي شكره).
قوله: (ثقف) بفتح المثلثة وكسر القاف، ويجوز إسكانها وفتحا وبعدها فاء) الحاذق، تقول:
ثقفت الشئ إذا أقمت عوجه.
قوله: (لقن) بفتح اللام وكسر القاف بعدها نون، اللقين: السريع الفهم.
قوله: (فيدلج) بتشديد الدال بعدها جيم، أي يخرج بسحر إلى مكة.
قوله: (فيصبح مع قريش بمكة كبائت) أي مثل البائت، يظنه من لا يعرف حقيقة أمره لشدة رجوعه بغلس.
قوله: (يكتادان به) في رواية الكشميهني: (يكادان به) بغير مثناة، أي يطلب لهما فيه المكروه، وهو من الكيد.
قوله: (رضيفهما) بفتح الراء وكسر المعجمة، بوزن رغيف، أي اللبن المرضوف، أي التي وضعت فيه الحجارة المحماة بالشمس أو النار، لينعقد وتزول رخاوته، وهو بالرفع، ويجوز الجر.
قوله: (حتى ينعق بها عامر) ينعق بكسر العين المهملة أي يصيح بغنمه، والنعيق صوت الراعي إذا زجر الغنم.
قوله: (والخريت الماهر بالهداية) قال ابن سعد وقال الأصمعي: إنما سمي خريتا لأنه يهدي خرت الإبرة أي ثقبها، وقال غيره: قيل له ذلك لأنه يهتدي لأخرات المفازة وهي طرقها الخفية.
قوله: (وقد غمس) بفتح العين المعجمة بعدها مهملة (حلفا) بكسر المهملة وسكون اللام، أي كان حليفا، وكانوا إذا تحالفوا غمسوا أيمانهم في دم، أو خلوق، أو في شئ يكن فيه تلويث، فيكون ذلك تأكيدا للحلف.
(٣١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 314 315 316 317 318 319 321 322 323 324 325 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ليس فيما حرم شفاء 3
2 السعوط 4
3 ذات لجنب 6
4 الكحل 9
5 الحبة السوداء 12
6 السنا 14
7 التلبينة والحساء 16
8 اغتسال المريض 19
9 اجتناب المجذوم 24
10 وأما عرق النسا 31
11 وأما كثرة أمراضه صلى الله عليه وسلم 34
12 الحناء 35
13 الذريرة 38
14 وأما أنه صلى الله عليه وسلم سحر 40
15 وأما أنه صلى الله عليه وسلم سم 45
16 وأما أنه صلى الله عليه وسلم رقى 48
17 وأما أنه صلى الله عليه وسلم احتجم 56
18 وأما الكي والسعوط 62
19 وأما الحناء 64
20 وأما السفرجل 64
21 فصل في ذكر حركات رسول الله صلى الله عليه وسلم وسكونه 66
22 وأما عمله صلى الله عليه وسلم في بيته 66
23 وأما ما يقوله إذا دخل بيته صلى الله عليه وسلم 67
24 وأما ما يقوله إذا خرج من بيته صلى الله عليه وسلم 68
25 وأما مشيه صلى الله عليه وسلم 72
26 وأما نومه صلى الله عليه وسلم 80
27 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ 89
28 وأما أن قلبه صلى الله عليه وسلم لا ينام 90
29 وأما مناماته عليه السلام 92
30 فصل في ذكر صديق رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل النبوة 139
31 ذكر أنه صلى الله عليه وسلم كان يحسن العوم في الماء صلى الله عليه وسلم 143
32 ذكر شريك رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعث 145
33 فصل في ذكر سفره صلى الله عليه وسلم 150
34 أما يوم سفره صلى الله عليه وسلم 150
35 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسافرا 153
36 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا علا على شئ 158
37 وأما كيف سيره صلى الله عليه وسلم 161
38 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم ويعمله إذا نزل منزلا 163
39 وأما ما يقوله صلى الله عليه وسلم في السحر 164
40 ذكر ما يقوله صلى الله عليه وسلم إذا رأى قرية 165
41 ذكر تنفله صلى الله عليه وسلم على الراحلة 166
42 وأما ما يقول إذا رجع من سفره صلى الله عليه وسلم 167
43 وأما ما يصنع إذا قدم من سفر صلى الله عليه وسلم 169
44 وأما كونه لا يطرق أهله ليلا 171
45 فصل في الأماكن التي حلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى الرحلة النبوية 174
46 وأما سفره صلى الله عليه وسلم مع عمه 174
47 وأما سفره صلى الله عليه وسلم في تجارة خديجة رضى الله تعالى عنها 186
48 وأما الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إلى السماوات العلى ورؤيته الآيات ربه الكبرى 190
49 فصل جامع في ذكر حديث الإسراء والمعراج 214
50 فأما رواية حديث الإسراء عن النبي صلى الله عليه وسلم 214
51 فصل جامع في معراج النبي صلى الله عليه وسلم 283
52 فصل في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لله عز وجل ليلة الإسراء 302
53 فصل في سفر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف 305
54 فصل في ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عكاظ، ومجنة وذى المجاز 309
55 فصل في ذكر هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة 316
56 فصل في ذكر غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم 330
57 غزوة الأبواء 332
58 غزوة بواط 334
59 غزوة بدر الأولى 336
60 غزوة ذي العشيرة 337
61 غزوة بدر الكبرى 339
62 غزوة بني قينقاع 346
63 غزوة السويق 348
64 غزوة قراره الكدر 350
65 غزوة ذي أمر، وهي غزوة غطفان 352
66 غزوة نجران 354
67 غزوة أحد 355
68 غزوة حمراء الأسد 357
69 غزوة بني النضير 359
70 غزوة بدر الموعد 362
71 غزوة ذات الرقاع 363
72 غزوة دومة الجندل 367
73 غزوة المريسيع 369
74 غزوة الخندق 372
75 غزوة بني قريظة 376
76 غزوة بني لحيان 379
77 غزوة الغابة 380
78 غزوة خيبر 382
79 عزوة الفتح 384
80 غزوة حنين 388
81 غزوة تبوك 391