أن قد فعلتن، وخرجه مسلم (1)، وانتهى منه إلى قوله: هو على.
(1) (مسلم بشرح النووي): 4 / 379، كتاب الصلاة، باب (21) استخلاف الإمام إذا عرض له عذر من مرض وسفر وغيرهما من يصلي بالناس، وأن من صلى خلف إمام جالس لعجزه عن القيام لزمه القيام إذا قدر عليه، ونسخ القعود خلف القاعد في حق من قدر على القيام، وحديث رقم (90)، وقال في آخره: قال عبيد الله: فدخلت على عبد الله بن عباس فقلت له: ألا أعرض عليك ما حدثتني عائشة عن مرضرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هات، فعرضت حديثها عليه، فما أنكر منه شيئا، غير أنه قال:
أسمت لك الرجل الذي كان مع العباس؟ قلت: لا، قال: هو علي. وتكرر ذلك في آخر الحديث رقم (91)، (92)، باختلاف يسير في اللفظ.
وأخرجه البيهقي في (دلائل النبوة): 7 / 173 - 174، باب ما جاء في استئذانه صلى الله عليه وسلم أزواجه في أن يمرض في بيت عائشة رضي الله عنها، ثم ما جاء في اغتساله وخروجه إلى الناس، وصلاته بهم، وخطبته إياهم ونعيه نفسه إليهم، وإشارته إلى من أمن الناس عليه في صحبته، وفي ص 189 - 191، باب ما جاء في آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، من أولها إلى آخرها.
وتفسير موقف السيدة عائشة رضي الله عنها وتشددها في عدم ذكر الرجل الآخر، وهو الإمام علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه، يكمن فيما نقله الدكتور عبد المعطي قلعجي محقق (دلائل النبوة للبيهقي)، حيث نقل من كتاب (عائشة والسياسة) للأستاذ سعيد الأفغاني [ص 76 - 82] مختصرا:
(لنرجع ثلاثين سنة قبل أن بويع لعلي بالخلافة، فسنجد ثمة نقطة التحول التي فرضت على عائشة اتجاهها الذي اتجهته مع علي رضي الله عنه ولم تستطع الإفلات منه، ولا من عاطفتها العنيفة التي لم تخفف تتابع الأيام والسنين من حدتها، فلنمعن في هذه الأمور التاليات:
1 - لم تجتمع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم على شئ اجتماعهن على الغيرة الشديدة من السيدة عائشة رضي الله عنها، لما خصها به النبي صلى الله عليه وسلم من محبة، إذ حلت من قلبه المنزلة التي لا تسامى، والغيرة بين الضرائر أمر فطري مألوف، قل أن تتنزه عنه امرأة، وكان علي وزوجه السيدة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحاولان حمله صلى الله عليه وسلم على التخفيف من حبه لعائشة، ويسفران لبقية أزواجه بما يرضيهن، ويغضب عائشة، وأظن أن مثل هذه السفارة مما لا تغفره أنثى البتة.
2 - موقف علي من عائشة في حادث الإفك.
3 - إشارات عارضة استخرجتها من مواطنها، لأنها عظيمة الدلالة على رأي عائشة رضي الله عنها في علي رضي الله عنه، وعاطفتها نحوه.
الأولى: فقد رواها عطاء بن يسار، قال: جاء رجل فوقع في علي وعمار رضي الله عنهما عند عائشة فقالت: أما علي فلست قائلة لك فيه شيئا، وأما عمار رضي الله عنه فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يخير بين أمرين إلا اختار أرشدهما. [أخرجه الإمام أحمد في (المسند): 7 / 163، حديث رقم (24299)].
الثانية: نبه إليها داهية بني هاشم: عبد الله بن عباس رضي الله عنه، روى عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (لما اشتد بالرسول وجعه دعا نساءه فاستأذنهن أن يمرض في بيتي. فأذن له، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بين رجلين من أهله، أحدهما الفضل بن العباس، ورجل آخر تخط قدماه الأرض، عاصبا رأسه حتى دخل بيتي).
قال راوي الحديث: فحدثت بهذا الحديث عبد الله بن عباس فقال: هل تدري من الرجل الآخر؟
قلت: لا، قال: علي بن أبي طالب، ولكنها لا تقدر على أن تذكره بخير وهي تستطيع.
حتى بعد انقضاء حرب الجمل، وانتهاء الأمر بينهما على خير وتبادل ثناء، لم يزل ما بنفسها نحوه، فقد ذكروا أنه لما انتهى إلى عائشة قتل علي، قالت متمثلة:
فألقت عصاها واستقر بها النوى * كما قر عينا بالإياب المسافر