إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٣ - الصفحة ٨٢
بعد قدومه ستة عشر شهرا، ثم وجهه الله إلى الكعبة (1).
قال ابن عبد البر: وهذا أمر قد اختلف فيه، وأحسن شئ روى في ذلك فذكر من حديث أبي عوانة عن سليمان عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي نحو بيت المقدس وهو بمكة، والكعبة بين يديه، وبعد ما هاجر إلى المدينة ستة عشر شهرا، ثم صرفه الله إلى الكعبة (1).
وخرج مسلم من حديث عفان (2) قال: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي نحو بيت المقدس، فنزلت (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام) (2)، فمر رجل من بني سلمة وهم ركوع في صلاة الفجر وقد صلوا ركعة، فنادى: ألا إن القبلة قد حولت، فمالوا كما هم نحو القبلة (4). قال أبو عمر بن عبد البر: وروى أن المخبر لهم بما في هذا الحديث هو عباد بن بشر (5).

(1) ونحوهما في (مسند أحمد) بسياقات متقاربة:
1 / 413، حديث رقم (2252) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا حسين بن علي عن زائدة، عن سماك بن حرب، عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا، ثم صرفت القبلة ".
و 1 / 576، حديث رقم (3260) بنحوه سواء.
و 1 / 589، حديث رقم (3353): من حديث ابن عباس أيضا: " صلى النبي صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس - قال عبد الصمد: ومن معه - ستة عشر شهرا ثم حولت القبلة بعد، قال عبد الصمد:
ثم جعلت القبلة - نحو بيت المقدس ". وقال معاوية - يعني ابن عمرو -: ثم حولت القبلة بعد.
(2) في (خ): " عنان "، وما أثبتناه من صحيح مسلم.
(3) آية 44 / البقرة.
(4) (مسلم بشرح النووي): 5 / 14، حديث رقم (527).
(5) هو عباد بن بشر بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل، الإمام أبو الربيع الأنصاري الأشهلي، أحد البدريين، كان من سادة الأوس، عاش خمسا وأربعين سنة، وهو الذي أضاءت له عصاته ليلة انقلب إلى منزله من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسلم على يد مصعب بن عمير، وكان أحد من قتل كعب ابن الأشرف اليهودي، واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على صدقات مزينة وبني سليم، وجعله على حرسه في غزوة تبوك، وكان كبير القدر، رضي الله عنه، أبلى يوم اليمامة بلاء حسنا، وكان أحد الشجعان الموصوفين.
ابن إسحاق: عن يحيى بن عباد بن عبد الله، عن أبيه قال: قالت عائشة: ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد يعتد عليهم فضلا، كلهم من بني عبد الأشهل: سعد بن معاذ، وعباد بن بشر، وأسيد بن الحضير، آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة.
وروي بإسناد ضعيف، عن أبي سعيد الخدري: سمع عباد بن بشر يقول: رأيت الليلة كأن السماء فرجت لي، ثم أطبقت علي، فهي إن شاء الله الشهادة. فنظر يوم اليمامة وهو يصيح. احطموا جفون السيوف. وقاتل حتى قتل بضربات في وجه. رضي الله عنه.
ابن إسحاق: عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن عائشة قالت:
تهجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، فسمع صوت عباد بن بشر، فقال: " يا عائشة! هذا صوت عباد ابن بشر؟ " قلت: نعم، قال: " اللهم اغفر له ".
لعباد بن بشر حديث واحد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يا معشر الأنصاري! أنتم الشعار والناس الدثار، فلا أوتين من قبلكم "، قال علي بن المديني: لا أحفظ لعباد سواه، وهذا الحديث رجاله ثقات، أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب، وأخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب غزوة الطائف حديث رقم (4330)، ومسلم في الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم، وأحمد 4 / 42، وعندهم جميعا: " الأنصار شعار والناس دثار ".
(طبقات ابن سعد): 3 / 2 / 16، (التاريخ الصغير): 36، (الجرح والتعديل): 6 / 77، (الإستيعاب): 2 / 801 - 804، (الإصابة): 3 / 611 - 612، (سير أعلام النبلاء):
1 / 337 - 340.
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 88 89 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر مجيء الملك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالات ربه تعالى 3
2 ذكر الاختلاف في أول سورة من القرآن أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم 3
3 ذكر الاختلاف في شق صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، متى كان وأين وقع؟ 32
4 ذكر مجيء جبرئيل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم في الصورة التي خلقه الله عليها 39
5 ذكر كيفية إلقاء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 45
6 ذكر تعليم جبرئيل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة 53
7 وأما إقامة جبريل عليه السلام أوقات الصلاة للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه أمه فيها 60
8 ذكر الجهة التي كان صلى الله عليه وسلم يستقبلها في صلاته 81
9 ذكر من قرن برسول الله صلى الله عليه وسلم من الملائكة 94
10 فصل في ذكر الفضائل التي خص الله تعالى بها نبيه ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم وشرفه بها على جميع الأنبياء 95
11 فأما أنه صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين 96
12 وأما مخاطبة الله له بالنبوة والرسالة، ومخاطبة من عداه من الأنبياء باسمه 105
13 وأما دفع الله عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما قرفه به المكذبون، ونهى الله تعالى العباد عن مخاطبته باسمه 108
14 وأما دفع الله تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما قرفه المكذبون له 111
15 وأما مغفرة ذنبه من غير ذكره تعالى له خطأ ولا زلة 112
16 وأما أخذ الله تعالى الميثاق على جميع الأنبياء أن يؤمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وينصروه إن أدركوه 116
17 وأما عموم رسالته إلى الناس جميعا وفرض الإيمان به على الكافة، وأنه لا ينجو أحد من النار حتى يؤمن به صلى الله عليه وسلم 122
18 وأما فرض طاعته، فإذا وجب الإيمان به وتصديقه بما جاء به وجبت طاعته لأن ذلك مما أتى به 132
19 وأما وجوب اتباعه وامتثال سنته والاقتداء بهديه صلى الله عليه وسلم 145
20 وأما أمر الكافة بالتأسي به قولا وفعلا 154
21 وأما اقتران اسم النبي صلى الله عليه وسلم باسم الله تعالى 167
22 وأما تقدم نبوته صلى الله عليه وسلم قبل تمام خلق آدم عليه السلام 169
23 ذكر التنويه بذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمن آدم عليه السلام 187
24 وأما شرف أصله، وتكريم حسبه، وطيب مولده صلى الله عليه وسلم 204
25 وأما أن أسماءه خير الأسماء 216
26 وأما قسم الله تعالى بحياته صلى الله عليه وسلم 221
27 وأما تفرده بالسيادة يوم القيامة على جميع الأنبياء والرسل وأن آدم ومن دونه تحت لوائه صلى الله عليه وسلم 224
28 فصل في ذكر المفاضلة بين المصطفى وبين إبراهيم الخليل صلوات الله عليهما وسلامه 241
29 وأما اختصاصه صلى الله عليه وسلم بالشفاعة العظمى يوم الفزع الأكبر 263
30 ذكر المقام المحمود الذي وعد الله تعالى به الرسول صلى الله عليه وسلم 288
31 تنبيه وإرشاد 292
32 إيضاح وتبيان 295
33 وأما حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الكوثر 297
34 وأما كثرة أتباعه صلى الله عليه وسلم 309
35 وأما الخمس التي أعطيها صلى الله عليه وسلم 311
36 وأما أنه بعث بجوامع الكلم وأوتي مفاتيح خزان الأرض 315
37 وأما تأييده بقتال الملائكة معه 319
38 وأما أنه خاتم الأنبياء 334
39 وأما أن أمته خير الأمم 338
40 وأما ذكره صلى الله عليه وسلم في كتب الأنبياء وصحفهم وإخبار العلماء بظهوره حتى كانت الأمم تنتظر بعثته صلى الله عليه وسلم 345
41 ثم جاءني محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم 378
42 وأوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 379
43 ومن إعلامه في التوراة 385
44 ومن إعلامه في التوراة أيضا 386
45 ومن ذكر شعيا له 387
46 ومن ذكر شعيا له 388
47 وفي حكاية يوحنا عن المسيح 390
48 وفي إنجيل متى 391
49 وذكر شعيا طريق مكة فقال: 394
50 وأما سماع الأخبار بنبوته من الجن وأجواف الأصنام ومن الكهان 396