وأعلمه مشاعره، ثم تعمره الأمم والقرون حتى ينتهي إلى بني من ولدك يقال له محمد، وهو خاتم النبيين، فأجعله من سكانه وولاته وحجابه وسقاته، ومن سألك عني يومئذ فأنا الشعث الغبر الموفين بنذورهم، المقبلين إلى ربهم.
وقال سعيد بن عمرو الأنصاري عن أبيه عن كعب الأحبار قال: لما أراد الله أن يخلق محمدا صلى الله عليه وسلم أمر جبريل فأتاه بالقبضة التي هي موضع قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فعجنت بماء التسنيم، ثم غمست في الأنهار الجنة وطيف بها في السماوات والأرض، فعرف الملائكة محمدا وفضله قبل أن تعرف آدم، ثم كان نور [محمد] (1) يرى في غرة جبهة آدم، وقيل له يا آدم، هذا سيد ولدك من المرسلين، فلما حملت [حواء] (2) بشيث انتقل النور من آدم إلى [حواء] (2)، وكانت تلد في كل بطن ولدين إلا شيثا فإنه ولدته وحده كرامة لمحمد صلى الله عليه وسلم، ثم لم [يزل] (3) ينتقل من طاهر إلى طاهر إلى أن ولد محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال ورقاء بن عمر عن ابن أبي الحجيج عن عطاء بن السائب ومجاهد عن مرة الهمزاني عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أين كنت وآدم في الجنة؟ قال: كنت في صلبه، وأهبطت إلى الأرض وأنا في صلبه، وركبت السفينة في صلب نوح، وقذفت في النار في صلب إبراهيم، لم يلتق لي أبوان قط على سفاح، لم يزل ينقلني من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام النقية مهذبا، لا يتشعب شعبتان إلا كنت في خير منهم، فأخذ الله لي بالنبوة ميثاقي، وفي التوراة بشر بي، وفي الإنجيل شهر اسمي تشرق الأرض لوجهي، والسماء لرؤيتي (4).