يسار في كتابه: أن خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هوازن بعد الفتح في خامس شوال سنة ثمان، وزعم أن الفتح كان لعشر بقين من شهر رمضان قبل خروجه إليهم خمس عشرة ليلة، وهكذا روي عن ابن مسعود وبه قال عروة بن الزبير واختاره أحمد وابن جرير في تاريخه. وقال الواقدي: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هوازن لست خلون من شوال فانتهى إلى حنين في عاشره. وقال أبو بكر الصديق لن نغلب اليوم من قلة! فانهزموا فكان أول من أنهزم بنو سليم ثم أهل مكة ثم بقية الناس.
قال ابن إسحاق: ولما سمعت هوازن برسول الله صلى الله عليه وسلم وما فتح الله عليه من مكة جمعها ملكها مالك بن عوف النصري، فاجتمع إليه مع هوازن ثقيف كلها، واجتمعت نصر وجشم كلها، وسعد بن بكر، وناس من بني هلال وهم قليل، ولم يشهدها من قيس عيلان إلا هؤلاء.
وغاب عنها ولم يحضرها من هوازن كعب وكلاب، ولم يشهدها منهم أحد له اسم، وفي بني جشم دريد بن الصمة شيخ كبير (1)، ليس فيه شئ إلا التيمن برأيه ومعرفته بالحرب، وكان شيخا مجربا، وفي ثقيف سيدان لهم، وفي الاحلاف قارب بن الأسود بن مسعود بن معتب، وفي بني مالك ذو الخمار سبيع بن الحارث وأخوه أحمر بن الحارث، وجماع أمر الناس إلى مالك بن عوف النصري، فلما أجمع السير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحضر مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم، فلما نزل بأوطاس (2) اجتمع إليه الناس وفيهم دريد بن الصمة في شجار (3) له يقاد به، فلما نزل قال: بأي واد أنتم؟ قالوا: بأوطاس، قال: نعم، مجال الخيل! لا حزن ضرس، ولا سهل دهس، مالي أسمع رغاء البعير، ونهاق الحمير، وبكاء الصغير، ويعار الشاء؟ قالوا:
ساق مالك بن عوف مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم، قال: أين مالك؟ قالوا: هذا مالك ودعي له، قال: يا مالك إنك قد أصبحت رئيس قومك، وإن هذا يوم كائن له ما بعده من الأيام، مالي أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير، وبكاء الصغير، ويعار الشاء؟ قال: سقت مع الناس أبناءهم ونساءهم وأموالهم، قال: ولم؟ قال أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله وماله ليقاتل عنهم، قال: فأنقض به (4)، ثم قال: راعي ضأن والله، هل يرد المنهزم شئ؟ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك، ثم قال: ما فعلت كعب وكلاب؟ قال: لم يشهدها منهم أحد، قال: غاب الحد والجد، لو كان يوم علاء ورفعة لم تغب عنه كعب وكلاب، ولوددت أنكم فعلتم ما فعلت كعب وكلاب، فمن