ذلك أن يرووه عني ثم يتحدثونه عني بمكة فلم أكذبه، فقال: أخبرني عن هذا الرجل الذي خرج فيكم، فزهدت له شأنه وصغرت له أمره، [فوالله ما التفت إلى ذلك مني وقال: أخبرني عما أسألك من امره] (1) فقلت سلني عما بدا لك؟ قال كيف نسبه فيكم؟ فقلت محضا من أوسطنا نسبا، قال: فأخبرني هل كان من أهل بيته أحد يقول مثل قوله فهو يتشبه به؟ فقلت: لا قال:
فأخبرني هل [كان] (2) له ملك فأسلبتموه إياه فجاء بهذا الحديث لتردوه عليه؟ فقلت: لا قال:
فأخبرني عن اتباعه من هم؟ فقلت الاحداث والضعفاء والمساكين فأما أشرافهم وذووا الأنساب (3) منهم فلا، قال: فأخبرني عمن صحبه أيحبه ويكرمه أم يقليه ويفارقه؟ قلت: ما صحبه رجل ففارقه، قال: فأخبرني عن الحرب بينكم وبينه؟ فقلت: سجال يدال علينا وندال عليه. قال:
فأخبرني هل يغدر فلم أجد شيئا أغره به إلا هي، قلت: لا ونحن منه في مدة ولا نأمن غدره فيها. فوالله ما التفت إليها مني قال: فأعاد علي الحديث، قال: زعمت أنه من أمحضكم نسبا وكذلك يأخذ الله النبي لا يأخذه إلا من أوسط قومه، وسألتك هل كان من أهل بيته أحد يقول مثل قوله فهو يتشبه به فقلت لا، وسألتك هل كان له ملك فاسلبتموه إياه فجاء بهذا الحديث لتردوا عليه ملكه فقلت: لا، وسألتك عن اتباعه فزعمت أنهم الاحداث والمساكين والضعفاء وكذلك أتباع الأنبياء في كل زمان، وسألتك عمن يتبعه أيحبه ويكرمه أم يقليه ويفارقه فزعمت أنه قل من يصحبه فيفارقه وكذلك حلاوة الايمان لا تدخل قلبا فتخرج منه، وسألتك كيف الحرب بينكم وبينه فزعمت أنها سجال يدال عليكم وتداولون عليه وكذلك يكون حرب الأنبياء ولهم تكون العاقبة، وسألتك هل يغدر فزعمت أنه لا يغدر فلئن كنت صدقتني ليغلبن على ما تحت قدمي هاتين، ولوددت أني عنده فأغسل عن قدميه، ثم قال: الحق بشأنك، قال: فقمت وأنا أضرب إحدى يدي على الأخرى وأقول: يا عباد الله لقد أمر أمر ابن أبي كبشة، وأصبح ملوك بني الأصفر يخافونه في سلطانهم (4). قال ابن إسحاق: وحدثني الزهري قال: حدثني أسقف من النصارى قد أدرك ذلك الزمان قال: قدم دحية بن خليفة على هرقل بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى. أما بعد فاسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن أبيت فإن إثم الأكاريين عليك.
قال: فلما انتهى إليه كتابه، وقرأه أخذه فجعله بين فخذه وخاصرته ثم كتب إلى رجل من أهل رومية كان يقرأ من العبرانية ما يقرأ يخبره عما جاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب إليه: إنه النبي