صلى الله عليه وسلم. وقال محمد بن إسحاق: كان ذلك ما بين الحديبية ووفاته عليه السلام. ونحن نذكر ذلك ها هنا وإن كان قول الواقدي محتملا. والله أعلم. وقد روى مسلم عن يوسف بن حماد المعني، عن عبد الا على، عن سعيد ابن أبي عروبة، عن قتادة عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب قبل مؤتة إلى كسرى وقيصر وإلى النجاشي وإلى كل جبار يدعوهم إلى الله عز وجل وليس بالنجاشي الذي صلى عليه (1) وقال يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق: حدثني الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عبد الله بن عباس: حدثني أبو سفيان من فيه إلى في قال:
كنا قوما تجارا وكانت الحرب قد حصرتنا حتى نهكت أموالنا، فلما كانت الهدنة - هدنة الحديبية - بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نأمن إن وجدنا أمنا، فخرجت تاجرا إلى الشام مع رهط من قريش فوالله ما علمت بمكة امرأة ولا رجلا إلا وقد حملني بضاعة، وكان وجه متجرنا من الشام غزة من أرض فلسطين فخرجنا حتى قدمناها وذلك حين ظهر قيصر صاحب الروم على من كان في بلاده من الفرس فأخرجهم منها ورد عليه صليبه الأعظم وقد كان استلبوه إياه، فلما أن بلغه ذلك وقد كان منزله بحمص من الشام، فخرج منها يمشي متشكرا إلى بيت المقدس ليصلي فيه تبسط له البسط ويطرح عليها الرياحين، حتى انتهى إلى إيلياء فصلى بها فأصبح ذات غداة وهو مهموم يقلب طرفه إلى السماء، فقالت له بطارقته: أيها الملك لقد أصبحت مهموما؟ فقال أجل، فقالوا وما ذاك؟
فقال أريت في هذه الليلة أن ملك الختان ظاهر، فقالوا: والله ما نعلم أمة من الأمم تختتن إلا اليهود وهم تحت يديك وفي سلطانك، فإن كان قد وقع ذلك في نفسك منهم فابعث في مملكتك كلها فلا يبقى يهودي إلا ضربت عنقه، فتستريح من هذا الهم. فإنهم في ذلك من رأيهم يديرونه بينهم إذ أتاهم رسول صاحب بصرى برجل من العرب قد وقع إليهم، فقال: أيها الملك إن هذا الرجل من العرب من أهل الشاء والإبل يحدثك عن حدث كان ببلاده فاسأله عنه، فلما انتهى إليه قال لترجمانه: سله ما هذا الخبر الذي كان في بلاده؟ فسأله فقال: هو رجل من العرب من قريش خرج يزعم أنه نبي وقد اتبعه أقوام وخالفه آخرون، وقد كانت بينهم ملاحم في مواطن فخرجت من بلادي وهم على ذلك. فلما أخبره الخبر قال: جردوه فإذا هو مختتن فقال: هذا والله الذي قد أريت لا ما تقولون، أعطه ثوبه. انطلق لشأنك. ثم إنه دعا صاحب شرطته فقال له: قلب لي الشام ظهرا لبطن حتى تأتي برجل من قوم هذا أسأله عن شأنه، قال أبو سفيان: فوالله إني وأصحابي لبغزة إذ هجم علينا فسألنا ممن أنتم؟ فأخبرناه، فساقنا إليه جميعا فلما انتهينا إليه قال أبو سفيان: فوالله ما رأيت من رجل قط أزعم أنه كان أدهى من ذلك الأغلف - يريد هرقل - قال:
فلما انتهينا إليه قال: أيكم أمس به رحما؟ فقلت أنا، قال ادنوه مني، قال فأجلسني بين يديه ثم أمر أصحابي فأجلسهم خلفي وقال: إن كذب فردوا عليه، قال أبو سفيان: فلقد عرفت أني لو كذبت ما ردوا علي ولكني كنت امرءا سيدا أتكرم وأستحي من الكذب وعرفت أن أدنى ما يكون في