لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين. فإن تسلم تسلم وإن أبيت فإن إثم المجوس عليك. قال: فلما قرأه شقه وقال: يكتب إلي بهذا وهو عبدي؟! قال: ثم كتب كسرى إلى باذام (1) وهو نائبه على اليمن: أن ابعث إلى هذا الرجل [الذي] بالحجاز رجلين من عندك جلدين فليأتياني به، فبعث باذام قهرمانه - وكان كاتبا حاسبا - بكتاب فارس وبعث معه رجلا من الفرس يقال له خرخرة (2)، وكتب معهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره أن ينصرف معهما إلى كسرى وقال: لاباذويه (3) إيت بلاد هذا الرجل وكلمه وائتني بخبره، فخرجا حتى قدما الطائف فوجدا رجلا من قريش في أرض الطائف فسألوه عنه فقال هو بالمدينة، واستبشر أهل الطائف - يعني وقريش بهما - وفرحوا. وقال بعضهم لبعض أبشروا فقد نصب له كسرى ملك الملوك كفيتم الرجل، فخرجا حتى قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه أبا ذويه فقال: شاهنشاه ملك الملوك كسرى قد كتب إلى الملك باذام يأمره أن يبعث إليك من يأتيه بك وقد بعثني إليك لتنطلق معي، فإن فعلت كتب لك إلى ملك الملوك ينفعك ويكفه عنك، وإن أبيت فهو من قد علمت فهو مهلكك ومهلك قومك ومخرب بلادك. ودخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حلقا لحاهما وأعفيا شواربهما فكره النظر إليهما وقال " ويلكما من أمركما بهذا؟ " قالا أمرنا ربنا - يعنيان كسرى - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ولكن ربي أمرني باعفاء لحيتي وقص شاربي " ثم قال " ارجعا حتى تأتياني غدا " قال وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بأن الله قد سلط على كسرى ابنه شيرويه فقتله في شهر كذا وكذا في ليلة كذا وكذا من الليل سلط عليه ابنه شيرويه فقتله. قال: فدعاهما فأخبرهما فقالا: هل تدري ما تقول؟ إنا قد نقمنا عليك ما هو أيسر من هذا فنكتب عنك بهذا ونخبر الملك باذام؟ قال " نعم أخبراه ذاك عنى وقولا له: إن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ كسرى وينتهي إلى الخف والحافر، وقولا له إن أسلمت أعطيتك ما تحت يديك وملكتك على قومك من الأبناء " ثم أعطى خرخرة منطقة فيها ذهب وفضة كان أهداها له بعض الملوك فخرجا من عنده حتى قدما على باذام، فأخبراه الخبر فقال: والله ما هذا بكلام ملك، وإني لارى الرجل نبيا كما يقول وليكونن ما قد قال، فلئن كان هذا حقا فهو نبي مرسل، وإن لم يكن فسنرى فيه رأيا. فلم ينشب باذام أن قدم عليه كتاب شيرويه أما بعد، فإني قد قتلت كسرى وما أقتله إلا غضبا لفارس لما كان استحل من قتل أشرافهم ونحرهم (4) في ثغورهم، فإذا جاءك كتابي هذا فخذ لي الطاعة ممن قبلك، وانطلق إلى الرجل الذي كان كسرى قد كتب فيه فلا تهجه حتى يأتيك أمري فيه. فلما انتهى كتاب شيرويه إلى باذام قال: إن هذا الرجل لرسول فأسلم وأسلمت الأبناء من فارس من كان منهم
(٣٠٧)