[القصص: 21] فلما رجع أمره الله تعالى أن يمسكها. (قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى) [طه: 21] فيقال إنه هابها شديدا فوضع يده في كم مدرعته ثم وضع يده في وسط فمها * وعند أهل الكتاب بذنبها فلما استمكن منها إذا هي قد عادت كما كانت عصا ذات شعبتين (1) فسبحان القدير العظيم رب المشرقين والمغربين ثم أمره تعال بإدخال يده في جيبه. ثم أمره بنزعها فإذا هي تتلألأ كالقمر بياضا من غير سوء أي من غير برص ولا بهق. ولهذا قال (اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرهب) [القصص: 32] قيل معناه إذا خفت فضع يدك على فؤادك يسكن جأشك. وهذا وإن كان خاصا به إلا أن بركة الايمان به حق بأن ينفع من استعمل ذلك على وجه الاقتداء بالأنبياء وقال في سورة النمل (وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوما فاسقين) [النمل: 12] أي هاتان الآيتان وهما العصا واليد وهما البرهانان المشار إليهما في قوله (فذلك برهانان من ربك إلى فرعون وملائه إنهم كانوا قوما فاسقين) [القصص: 32] ومع ذلك سبع آيات أخر فذلك تسع آيات بينات وهي المذكورة في آخر سورة سبحان حيث يقول تعالى (ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسأل بني إسرائيل إذا جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا. قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مثبورا) [الاسراء: 101 - 102] وهي المبسوطة في سورة الأعراف في قوله (ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون. وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين. فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين) [الأعراف: 130 - 133] كما سيأتي الكلام على ذلك في موضعه وهذه التسع آيات غير العشر الكلمات فإن التسع من كلمات الله القدرية والعشرة من كلماته الشرعية وإنما نبهنا على هذا لأنه قد اشتبه أمرها على بعض الرواة فظن أن هذه هي هذه كما قررنا ذلك في تفسير آخر سورة بني إسرائيل.
والمقصود أن الله سبحانه لما أمر موسى عليه السلام بالذهاب إلى فرعون (قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون. وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردأ يصدقني إني أخاف أن يكذبون. قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون) [القصص: 33 - 35]. يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسوله وكليمه موسى عليه السلام في جوابه لربه عز وجل حين أمره بالذهاب إلى عدوه الذي خرج من ديار مصر