البداية والنهاية - ابن كثير - ج ١ - الصفحة ٣٢٣
طوله ستون ذراعا، ثم لم يزل الخلق ينقص حتى الآن ". قالوا فعمد عوج إلى قمة جبل فاقتلعها ثم أخذها بيديه ليلقيها على جيش موسى فجاء طائر فنقر تلك الصخرة، فخرقها فصارت طوقا في عنق عوج بن عنق (1). ثم عمد موسى إليه فوثب في الهواء عشرة أذرع وطوله عشرة أذرع وبيده عصاه، وطولها عشره أذرع، فوصل إلى كعب قدمه فقتله. يروى هذا عن عوف البكالي ونقله ابن جرير عن ابن عباس وفي اسناده إليه نظر * ثم هو مع هذا كله من الإسرائيليات وكل هذه من وضع جهال بني إسرائيل، فإن الاخبار الكذبة قد كثرت عندهم ولا تميز لهم بين صحتها وباطلها.
ثم لو كان هذا صحيحا لكان بنو إسرائيل معذورين في النكول عن قتالهم، وقد ذمهم الله على نكولهم، وعاقبهم بالتيه على ترك جهادهم، ومخالفتهم رسولهم، وقد أشار عليهم رجلان صالحان، منهم بالاقدام ونهياهم عن الاحجام * ويقال إنهما يوشع بن نون وكالب بن يوقنا (2) قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة وعطية والسدي والربيع بن أنس وغير واحد (قال رجلان من الذين يخافون) أي يخافون الله وقرأ بعضهم يخافون أي يهابون (أنعم الله عليهما) أي بالاسلام والايمان والطاعة والشجاعة (ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون. وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) أي إذا توكلتم على الله، واستعنتم به، ولجأتم إليه، نصركم على عدوكم، وأيدكم عليهم وأظفركم بهم. (قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا انا ههنا قاعدون) فصمم ملاؤهم على النكول عن الجهاد، ووقع أمر عظيم ووهن كبير. فيقال إن يوشع وكالب لما سمعا هذا الكلام شقا ثيابهما، وإن موسى وهرون سجدا إعظاما لهذا الكلام وغضبا لله عز وجل، وشفقة عليهم من وبيل هذه المقالة (قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين) [المائدة: 35] قال ابن عباس (اقض بيني وبينهم). (قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين) [المائدة: 30] عوقبوا على نكولهم بالتيهان (3) في الأرض يسيرون إلى غير مقصد ليلا ونهارا وصباحا ومساء ويقال إنه لم يخرج أحد من التيه ممن دخله بل ماتوا كلهم في مدة أربعين سنة ولم يبق إلا ذراريهم سوى يوشع وكالب عليهما السلام. لكن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يوم بدر لم يقولوا

(1) عوج بن عنق هكذا في الأصول. قال صاحب القاموس مادة (عوق): " وعوق كنوح والدعوج الطويل ومن قال: عوج بن عنق فقد أخطأ " وقال في شرحه: هذا الذي خطأه هو المشهور على الألسنة; قال شيخنا: وزعم قوم من حفاظ التواريخ أن عنق هي أم عوج وعوج أباه فلا خطأ ولا غلط.
(2) كانا من النقباء الاثني عشر الذين أرسلهم موسى - من أسباط بني إسرائيل - إلى أريحياء من بلاد فلسطين يتجسسون الاخبار.
(3) التيهان: من التيه وأصل التيه في اللغة الحيرة فيها.
فكانوا سيارة لا قرار لهم يسيرون في فراسخ قليلة.
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المنهاج في تأليف الكتاب 5
2 فصل 9
3 فصل 10
4 وأما الكرسي 14
5 ذكر اللوح المحفوظ 15
6 ما ورد في خلق السماوات والأرض وما بينهما 16
7 ما جاء في سبع أرضين 20
8 فصل في البحار والأنهار 23
9 فصل 29
10 ذكر ما يتعلق بخلق السماوات وما فيهن من الآيات 30
11 أ - الاجماع على أن السماوات مستديرة ب - حديث سب الدهر ج - اليونانيون ودمشق د - هاروت وماروت المجرة وقوس قزح 40
12 باب ذكر خلق الملائكة وصفاتهم 41
13 فصل 52
14 فصل 60
15 باب خلق الجان وقصة الشيطان 61
16 باب خلق آدم عليه السلام 74
17 احتجاج آدم وموسى عليهما السلام 91
18 الأحاديث الواردة في خلق آدم 95
19 قصة قابيل وهابيل 103
20 وفاة آدم ووصيته إلى ابنه شيث 109
21 إدريس عليه السلام 111
22 قصة نوح عليه السلام 133
23 ذكر شئ من أخبار نوح عليه السلام 133
24 صومه عليه السلام 135
25 حجه عليه السلام 135
26 وصيته لولده 136
27 قصة هود عليه السلام 137
28 قصة صالح نبي ثمود عليه السلام 150
29 ذكر أبي رغال من بني ثمود 158
30 مرور النبي بوادي الحجر من أرض ثمود عام تبوك 159
31 قصة إبراهيم خليل الرحمن 160
32 ذكر مناظرة إبراهيم الخليل مع من ادعى الربوبية وهو أحد العبيد الضعفاء 170
33 هجرة الخليل إلى بلاد الشام ثم الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة 172
34 ذكر مولد إسماعيل من هاجر 176
35 ذكر مهاجرة إبراهيم بابنه إسماعيل وأمه إلى جبل فاران وهي أرض مكة وبنائه البيت العتيق 176
36 قصة الذبيح 181
37 مولد إسحاق 185
38 بناء البيت العتيق 187
39 ذكر ثناء الله ورسوله الكريم على عبده وخليله إبراهيم 191
40 قصره في الجنة 199
41 صفة إبراهيم عليه السلام 200
42 وفاة إبراهيم وما قيل في عمره 200
43 ذكر أولاد إبراهيم الخليل 202
44 قصة مدين قوم شعيب عليه السلام 212
45 باب ذرية إبراهيم 220
46 إسماعيل عليه السلام 220
47 إسحاق بن إبراهيم عليهما الصلاة والتسليم 222
48 ما وقع من الأمور العجيبة في حياة إسرائيل 227
49 قصة نبي الله أيوب 254
50 قصة ذي الكفل 259
51 باب ذكر أمم أهلكوا بعامة 261
52 قصة قوم يس وهم أصحاب القرية 264
53 قصة يونس 267
54 فضل يونس 272
55 قصة موسى الكليم 273
56 فصل 296
57 هلاك فرعون وجنوده 309
58 امر بني إسرائيل بعد هلاك فرعون 316
59 دخول بني إسرائيل التيه وما فيه من الأمور العجيبة 323
60 سؤال الرؤية 327
61 قصة عبادتهم العجل في غيبة كليم الله عنهم 330
62 حديث آخر بمعنى ما ذكره ابن حبان 338
63 قصة بقرة بني إسرائيل 339
64 قصة موسى والخضر عليهما السلام 341
65 حديث الفتون المتضمن قصة موسى مفصلا من أولها إلى آخرها 347
66 بناء قبة الزمان 356
67 قصة قارون مع موسى عليه السلام 358
68 باب فضائل موسى عليه السلام وشمائله وصفاته ووفاته 362
69 حجته عليه السلام إلى البيت العتيق 366
70 وفاته عليه السلام 367
71 نبوة يوشع وقيامه بأعباء بني إسرائيل بعد موسى وهارون (الأسباط - بلعام - وفاة موسى وهارون - فتح أريحا) 370
72 قصتا الخضر وإلياس عليهما السلام 377
73 ذكر الاختلاف في اسم الخضر ونسبه وزمن وجوده ونبوته، وحياته إلى الآن، مفصلا 378
74 وأما الياس عليه السلام 391