ثم لما دخلها اغتسل وصلى ثماني ركعات، وهي صلاة الشكر على النصر، على المشهور من قولي العلماء. وقيل إنها صلاة الضحى، وما حمل هذا القائل على قوله هذا إلا لأنها وقعت وقت الضحى.
وأما بنو إسرائيل فإنهم خالفوا ما أمروا به قولا وفعلا دخلوا الباب يزحفون على أستاههم يقولون: حبة في شعرة، وفي رواية: حنطة في شعرة. وحاصله أنهم بدلوا ما أمروا به، واستهزؤا به، كما قال تعالى حاكيا عنهم في سورة الأعراف وهي مكية (وإذا قيل لهم اسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم فأرسلنا عليهم رجزا من السماء بما كانوا يظلمون) [الأعراف: 161 - 162] وقال في سورة البقرة وهي مدينة مخاطبا لهم (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين. فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون) [البقرة: 58 - 59]. وقال الثوري عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس (وادخلوا الباب سجدا) قال: ركعا من باب صغير. رواه الحاكم وابن جرير وابن أبي حاتم. وكذا روى العوفي عن ابن عباس، وكذا روى الثوري عن ابن إسحاق، عن البراء. قال مجاهد والسدي والضحاك والباب هو باب حطة من بيت إيلياء ببيت المقدس. قال ابن مسعود فدخلوا مقنعي رؤوسهم ضد ما أمروا به وهذا لا ينافي قول ابن عباس: أنهم دخلوا يزحفون على أستاههم. وهكذا في الحديث الذي سنورده بعد فإنهم دخلوا يزحفون وهم مقنعوا رؤوسهم. وقوله: وقولوا: " حطة " الواو هنا حالية لا عاطفة أي ادخلوا سجدا في حال قولكم حطة. قال ابن عباس وعطاء والحسن وقتادة والربيع أمروا أن يستغفروا * قال البخاري: حدثنا محمد، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن ابن المبارك، عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " قيل لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة فدخلوا يزحفون على استاههم فبدلوا وقالوا حطة حبة في شعرة " (1). وكذا رواه النسائي من حديث ابن المبارك ببعضه، ورواه عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، عن ابن مهدي به موقوفا. وقد قال عبد الرزاق: أنبأنا معمر، عن همام بن منبه، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم فبدلوا فدخلوا الباب يزحفون على أستاههم فقالوا: حبة في شعرة " (2). ورواه البخاري