المقدس لا أريحا (1) كما قلنا. وفيه أن هذا كان من خصائص يوشع عليه السلام، فيدل على ضعف الحديث الذي رويناه أن الشمس رجعت حتى صلى علي بن أبي طالب صلاة العصر بعد ما فاتته بسبب نوم النبي صلى الله عليه وسلم على ركبته فسأل رسول الله أن يردها عليه حتى يصلي العصر فرجعت. وقد صححه علي بن صالح المصري ولكنه منكر ليس في شئ من الصحاح ولا الحسان وهو مما تتوفر الدواعي على نقله وتفردت بنقله امرأة من أهل البيت مجهولة لا يعرف حالها والله أعلم. وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه: لا يتبعني رجل قد ملك بضع امرأة، وهو يريد أن يبني بها ولما يبن. ولا آخر قد بنى بنيانا، ولم يرفع سقفها، ولا آخر قد اشترى غنما أو خلفات (2) وهو ينتظر أولادها، فغزا فدنا من القرية حين صلى العصر أو قريبا من ذلك، فقال للشمس: أنت مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علي شيئا (3)، فحبست عليه حتى فتح الله عليه، فجمعوا ما غنموا، فأتت النار لتأكله فأبت أن تطعمه، فقال فيكم غلول، فليبايعني من كل قبيلة رجل، فبايعوه فلصقت يد رجل بيده، فقال فيكم الغلول ولتبايعني قبيلتك، فبايعته قبيلته، فلصق بيد رجلين أو ثلاثة فقال فيكم الغلول أنتم غللتم. فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب، قال فوضعوه بالمال وهو بالصعيد، فأقبلت النار فأكلته، فلم تحل الغنائم لاحد من قبلنا ذلك بأن الله رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا " (4). انفرد به مسلم من هذا الوجه. وقد روى البزار من طريق مبارك بن فضالة، عن عبيد الله عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. قال ورواه محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، قال ورواه قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. والمقصود أنه لما دخل بهم باب المدينة أمروا أن يدخلوها سجدا أي ركعا متواضعين شاكرين لله عز وجل على ما من به عليهم من الفتح العظيم الذي كان الله وعدهم إياه وأن يقولوا حال دخولهم " حطة أي حط عنا خطيانا التي سلفت من نكولنا الذي تقدم منا.
ولهذا لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم فتحها دخلها وهو راكب ناقته، وهو متواضع حامد شاكر، حتى أن عثنونه - وهو طرف لحيته - ليمس مورك رحله، مما يطأطئ رأسه خضعانا لله عز وجل ومعه الجنود والجيوش ممن لا يرى منه إلا الحدق، ولا سيما الكتيبة الخضراء التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم