البداية والنهاية - ابن كثير - ج ١ - الصفحة ٢٩٨
المسجونين. قال أو لو جئتك بشئ مبين. قال فأت به إن كنت من الصادقين. فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين. ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين قال للملا حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون. قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم. فجمع السحرة لميقات يوم معلوم. وقيل للناس هل أنتم مجتمعون. لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين. فلما جاء السحرة قالوا لفرعون إن لنا لاجرا ان كنا نحن الغالبين * قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون. فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون. فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون.
فالقى السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهرون * قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلسوف تعلمون. لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين. قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين). [الشعراء: 19 - 51].
والمقصود أن فرعون كذب وافترى وكفر غاية الكفر في قوله (إنه لكبيركم الذي علمكم السحر) وأتي ببهتان يعلمه العالمون بل العالمون في قوله (إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون) [الأعراف: 123] وقوله (لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف) يعني يقطع اليد اليمني والرجل اليسرى وعكسه (ولأصلبنكم أجمعين) أي ليجعلهم (1) مثلة ونكالا لئلا يقتدي بهم أحد من رعيته وأهل ملته ولهذا قال (ولأصلبنكم في جذوع النخل) أي على جذوع النخل لأنها أعلى وأشهر (ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى) يعني في الدنيا (قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات) أي لن نطيعك ونترك ما وقر في قلوبنا من البينات والدلائل القاطعات (والذي فرطنا) قيل معطوف. وقيل قسم (فاقض ما أنت قاض) أي فافعل ما قدرت عليه (إنما تقضي هذه الحياة الدنيا) أي إنما حكمك علينا في هذه الحياة الدنيا فإذا انتقلنا منها إلى الدار الآخرة صرنا إلى حكم الذي أسلمنا له واتبعنا رسله (إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى) أي وثوابه خير مما وعدتنا به من التقريب (2) والترغيب وأبقى أي وأدوم من هذه الدار الفانية وفي الآية الأخرى (قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا) [الشعراء: 50 - 51] أي (3) ما اجترمناه من المآثم والمحارم (أن كنا أول المؤمنين) أي من القبط، بموسى وهرون عليهما لسلام * وقالوا له أيضا (وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا) أي

(1) في نسخة: أي ليجعلنهم.
(2) في نسخة: الترهيب.
(3) في القرطبي: أي الشرك الذي كانوا عليه.
(٢٩٨)
مفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المنهاج في تأليف الكتاب 5
2 فصل 9
3 فصل 10
4 وأما الكرسي 14
5 ذكر اللوح المحفوظ 15
6 ما ورد في خلق السماوات والأرض وما بينهما 16
7 ما جاء في سبع أرضين 20
8 فصل في البحار والأنهار 23
9 فصل 29
10 ذكر ما يتعلق بخلق السماوات وما فيهن من الآيات 30
11 أ - الاجماع على أن السماوات مستديرة ب - حديث سب الدهر ج - اليونانيون ودمشق د - هاروت وماروت المجرة وقوس قزح 40
12 باب ذكر خلق الملائكة وصفاتهم 41
13 فصل 52
14 فصل 60
15 باب خلق الجان وقصة الشيطان 61
16 باب خلق آدم عليه السلام 74
17 احتجاج آدم وموسى عليهما السلام 91
18 الأحاديث الواردة في خلق آدم 95
19 قصة قابيل وهابيل 103
20 وفاة آدم ووصيته إلى ابنه شيث 109
21 إدريس عليه السلام 111
22 قصة نوح عليه السلام 133
23 ذكر شئ من أخبار نوح عليه السلام 133
24 صومه عليه السلام 135
25 حجه عليه السلام 135
26 وصيته لولده 136
27 قصة هود عليه السلام 137
28 قصة صالح نبي ثمود عليه السلام 150
29 ذكر أبي رغال من بني ثمود 158
30 مرور النبي بوادي الحجر من أرض ثمود عام تبوك 159
31 قصة إبراهيم خليل الرحمن 160
32 ذكر مناظرة إبراهيم الخليل مع من ادعى الربوبية وهو أحد العبيد الضعفاء 170
33 هجرة الخليل إلى بلاد الشام ثم الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة 172
34 ذكر مولد إسماعيل من هاجر 176
35 ذكر مهاجرة إبراهيم بابنه إسماعيل وأمه إلى جبل فاران وهي أرض مكة وبنائه البيت العتيق 176
36 قصة الذبيح 181
37 مولد إسحاق 185
38 بناء البيت العتيق 187
39 ذكر ثناء الله ورسوله الكريم على عبده وخليله إبراهيم 191
40 قصره في الجنة 199
41 صفة إبراهيم عليه السلام 200
42 وفاة إبراهيم وما قيل في عمره 200
43 ذكر أولاد إبراهيم الخليل 202
44 قصة مدين قوم شعيب عليه السلام 212
45 باب ذرية إبراهيم 220
46 إسماعيل عليه السلام 220
47 إسحاق بن إبراهيم عليهما الصلاة والتسليم 222
48 ما وقع من الأمور العجيبة في حياة إسرائيل 227
49 قصة نبي الله أيوب 254
50 قصة ذي الكفل 259
51 باب ذكر أمم أهلكوا بعامة 261
52 قصة قوم يس وهم أصحاب القرية 264
53 قصة يونس 267
54 فضل يونس 272
55 قصة موسى الكليم 273
56 فصل 296
57 هلاك فرعون وجنوده 309
58 امر بني إسرائيل بعد هلاك فرعون 316
59 دخول بني إسرائيل التيه وما فيه من الأمور العجيبة 323
60 سؤال الرؤية 327
61 قصة عبادتهم العجل في غيبة كليم الله عنهم 330
62 حديث آخر بمعنى ما ذكره ابن حبان 338
63 قصة بقرة بني إسرائيل 339
64 قصة موسى والخضر عليهما السلام 341
65 حديث الفتون المتضمن قصة موسى مفصلا من أولها إلى آخرها 347
66 بناء قبة الزمان 356
67 قصة قارون مع موسى عليه السلام 358
68 باب فضائل موسى عليه السلام وشمائله وصفاته ووفاته 362
69 حجته عليه السلام إلى البيت العتيق 366
70 وفاته عليه السلام 367
71 نبوة يوشع وقيامه بأعباء بني إسرائيل بعد موسى وهارون (الأسباط - بلعام - وفاة موسى وهارون - فتح أريحا) 370
72 قصتا الخضر وإلياس عليهما السلام 377
73 ذكر الاختلاف في اسم الخضر ونسبه وزمن وجوده ونبوته، وحياته إلى الآن، مفصلا 378
74 وأما الياس عليه السلام 391