البداية والنهاية - ابن كثير - ج ١ - الصفحة ٢٩٢
[النحل: 145] وقال تعالى (ولا تجادلوا أهل الكتاب الا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم الآية) [العنكبوت: 46] قال الحسن البصري (فقولا له قولا لينا) اعذرا إليه قولا له وإن لك ربا ولك معادا وإن بين يديك جنة ونارا. وقال وهب بن منبه: قولا له إن لي العفو والمغفرة أقرب مني إلى الغضب والعقوبة. قال يزيد الرقاشي عند هذه الآية يا من ينحبب إلى من يعاديه فكيف بمن يتولاه ويناديه (قالا ربنا إنا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى) [طه: 201] وذلك أن فرعون كان جبارا عنيدا وشيطانا مريدا له سلطان في بلاد مصر طويل عريض وجاه وجنود وعساكر وسطوة فهاباه من حيث البشرية وخافا أن يسطو عليهما في بادئ الامر فثبتهما تعالى وهو العلي الاعلى فقال (لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى) [طه: 46] كما قال في الآية الأخرى (إنا معكم مستمعون) [الشعراء: 15.]. (فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدي. إنا قد أوحى إلينا أن العذاب على من كذب وتولى) [طه: 47 - 48] يذكر تعالى أنه أمرهما أن يذهبا إلى فرعون فيدعواه إلى الله تعالى أن يعبده وحده لا شريك له وأن يرسل معهم بني إسرائيل ويطلقهم من أسره وقهره ولا يعذبهم (1). (قد جئناك بآية من ربك) [طه: 47] وهو البرهان العظيم في العصى واليد (والسلام على من اتبع الهدى) تقيد مفيد بليغ عظيم. ثم تهدداه وتوعداه على التكذيب فقالا (إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى) أي كذب بالحق بقلبه وتولى عن العمل بقالبه.
وقد ذكر السدي وغيره أنه لما قدم من بلاد مدين دخل على أمه وأخيه هارون وهما يتعشيان من طعام فيه الطفشيل وهو اللفت فأكل معهما * ثم قال: يا هارون إن الله أمرني وأمرك أن ندعو فرعون إلى عبادته فقم معي؟ فقاما يقصدان باب فرعون، فإذا هو مغلق فقال: موسى للبوابين والحجبة: أعلموه أن رسول الله بالباب فجعلوا يسخرون منه ويستهزؤن به (2).
وقد زعم بعضهم أنه لم يؤذن لهما عليه إلا بعد حين طويل. وقال محمد بن إسحاق أذن لهما بعد سنتين لأنه لم يك أحد يتجاسر على الاستئذان لهما فالله أعلم * ويقال إن موسى تقدم إلى الباب فطرقه بعصاه فانزعج فرعون وأمر بإحضارهما فوقفا بين يديه فدعواه إلى الله عز وجل كما أمرهما.

(1) أي لا يعذبهم بالسخرة والتعب في العمل، وكانت بنو إسرائيل عند فرعون في عذاب شديد، يذبح أبناءهم ويستخدم نساءهم ويكلفهم من العمل في الطين واللبن وبناء المدائن ما لا يطيقونه.
(2) الخبر رواه الطبري في تاريخه 1 / 208 وفيه: فانطلقا إليه ليلا، فأتيا الباب فضرباه ففزع فرعون وفزع البواب، وقال فرعون: من هذا الذي يضرب بابي في هذه الساعة؟ فأشرف عليهما البواب فكلمهما فقال له موسى: إنا رسول رب العالمين، ففزع البواب، فأتى فرعون، فأخبره ان ههنا إنسانا مجنونا يزعم أنه رسول رب العالمين، قال:
فادخله. فدخل..
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المنهاج في تأليف الكتاب 5
2 فصل 9
3 فصل 10
4 وأما الكرسي 14
5 ذكر اللوح المحفوظ 15
6 ما ورد في خلق السماوات والأرض وما بينهما 16
7 ما جاء في سبع أرضين 20
8 فصل في البحار والأنهار 23
9 فصل 29
10 ذكر ما يتعلق بخلق السماوات وما فيهن من الآيات 30
11 أ - الاجماع على أن السماوات مستديرة ب - حديث سب الدهر ج - اليونانيون ودمشق د - هاروت وماروت المجرة وقوس قزح 40
12 باب ذكر خلق الملائكة وصفاتهم 41
13 فصل 52
14 فصل 60
15 باب خلق الجان وقصة الشيطان 61
16 باب خلق آدم عليه السلام 74
17 احتجاج آدم وموسى عليهما السلام 91
18 الأحاديث الواردة في خلق آدم 95
19 قصة قابيل وهابيل 103
20 وفاة آدم ووصيته إلى ابنه شيث 109
21 إدريس عليه السلام 111
22 قصة نوح عليه السلام 133
23 ذكر شئ من أخبار نوح عليه السلام 133
24 صومه عليه السلام 135
25 حجه عليه السلام 135
26 وصيته لولده 136
27 قصة هود عليه السلام 137
28 قصة صالح نبي ثمود عليه السلام 150
29 ذكر أبي رغال من بني ثمود 158
30 مرور النبي بوادي الحجر من أرض ثمود عام تبوك 159
31 قصة إبراهيم خليل الرحمن 160
32 ذكر مناظرة إبراهيم الخليل مع من ادعى الربوبية وهو أحد العبيد الضعفاء 170
33 هجرة الخليل إلى بلاد الشام ثم الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة 172
34 ذكر مولد إسماعيل من هاجر 176
35 ذكر مهاجرة إبراهيم بابنه إسماعيل وأمه إلى جبل فاران وهي أرض مكة وبنائه البيت العتيق 176
36 قصة الذبيح 181
37 مولد إسحاق 185
38 بناء البيت العتيق 187
39 ذكر ثناء الله ورسوله الكريم على عبده وخليله إبراهيم 191
40 قصره في الجنة 199
41 صفة إبراهيم عليه السلام 200
42 وفاة إبراهيم وما قيل في عمره 200
43 ذكر أولاد إبراهيم الخليل 202
44 قصة مدين قوم شعيب عليه السلام 212
45 باب ذرية إبراهيم 220
46 إسماعيل عليه السلام 220
47 إسحاق بن إبراهيم عليهما الصلاة والتسليم 222
48 ما وقع من الأمور العجيبة في حياة إسرائيل 227
49 قصة نبي الله أيوب 254
50 قصة ذي الكفل 259
51 باب ذكر أمم أهلكوا بعامة 261
52 قصة قوم يس وهم أصحاب القرية 264
53 قصة يونس 267
54 فضل يونس 272
55 قصة موسى الكليم 273
56 فصل 296
57 هلاك فرعون وجنوده 309
58 امر بني إسرائيل بعد هلاك فرعون 316
59 دخول بني إسرائيل التيه وما فيه من الأمور العجيبة 323
60 سؤال الرؤية 327
61 قصة عبادتهم العجل في غيبة كليم الله عنهم 330
62 حديث آخر بمعنى ما ذكره ابن حبان 338
63 قصة بقرة بني إسرائيل 339
64 قصة موسى والخضر عليهما السلام 341
65 حديث الفتون المتضمن قصة موسى مفصلا من أولها إلى آخرها 347
66 بناء قبة الزمان 356
67 قصة قارون مع موسى عليه السلام 358
68 باب فضائل موسى عليه السلام وشمائله وصفاته ووفاته 362
69 حجته عليه السلام إلى البيت العتيق 366
70 وفاته عليه السلام 367
71 نبوة يوشع وقيامه بأعباء بني إسرائيل بعد موسى وهارون (الأسباط - بلعام - وفاة موسى وهارون - فتح أريحا) 370
72 قصتا الخضر وإلياس عليهما السلام 377
73 ذكر الاختلاف في اسم الخضر ونسبه وزمن وجوده ونبوته، وحياته إلى الآن، مفصلا 378
74 وأما الياس عليه السلام 391