فدفن فيه، وآية ذلك أنه دفن معه غصن من ذهب، إن أنتم نبشتم عنه أصبتموه معه. فابتدره الناس فاستخرجوا منه الغصن " وهكذا رواه أبو داود من طريق محمد بن إسحاق به * قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي رحمه الله هذا حديث حسن عزيز. قلت تفرد به بجير بن أبي بجير هذا ولا يعرف إلا بهذا الحديث ولم يرو عنه سوى إسماعيل بن أمية * قال شيخنا فيحتمل أنه وهم في رفعه وإنما يكون من كلام عبد الله بن عمرو من زاملتيه والله أعلم. قلت لكن في المرسل الذي قبله وفي حديث جابر أيضا شاهد له * والله أعلم.
وقوله تعالى (فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين) [الأعراف: 79] إخبار عن صالح عليه السلام أنه خاطب قومه بعد هلاكهم وقد أخذ في الذهاب عن محلتهم إلى غيرها قائلا لهم (يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم) أي جهدت في هدايتكم بكل ما أمكنني وحرصت على ذلك بقولي وفعلي ونيتي (ولكن لا تحبون الناصحين) أي لم تكن سجاياكم تقبل الحق ولا تريده فلهذا صرتم إلى ما أنتم فيه من العذاب الأليم المستمر بكم المتصل إلى الأبد وليس لي فيكم حيلة ولا لي بالدفع عنكم يدان والذي وجب علي من أداء الرسالة والنصح لكم قد فعلته وبذلته لكم ولكن الله يفعل ما يريد.
وهكذا خاطب النبي صلى الله عليه وسلم أهل قليب بدر بعد ثلاث ليال: وقف عليهم وقد ركب راحلته وأمر بالرحيل من أخر الليل فقال: " يا أهل القليب هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا، وقال لهم فيما قال: " بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم كذبتموني وصدقتني الناس وأخرجتموني وآواني الناس وقاتلتموني ونصرني الناس فبئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم " فقال له عمر: يا رسول الله تخاطب أقواما قد جيفوا فقال: (والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يجيبون). وسيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله * ويقال إن صالحا عليه السلام إنتقل إلى حرم الله فأقام به حتى مات.
قال الإمام أحمد حدثنا وكيع حدثنا زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن ابن عباس قال لما مر النبي صلى الله عليه وسلم بوادي عسفان حين حج قال: " يا أبا بكر أي واد هذا ". قال وادي عسفان قال: " لقد مر به هود وصالح عليهما السلام على بكرات خطمها الليف أزرهم العباء وأرديتهم النمار يلبون يحجون البيت العتيق " (1) * إسناد حسن * وقد تقدم في قصة نوح عليه السلام من رواية الطبراني وفيه نوح وهود وإبراهيم.