يمكن الجمع بينه وبين دلالة القرآن فهو خطأ محض فإن القرآن يقتضي أن نوحا مكث في قومه بعد البعثة وقبل الطوفان ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون. ثم الله أعلم كم عاش بعد ذلك فإن كان ما ذكر محفوظا عن ابن عباس من أنه بعث وله أربع مائة وثمانون سنة وأنه عاش بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين سنة فيكون قد عاش على هذا ألف سنة وسبعمائة وثمانين سنة.
وأما قبره عليه السلام فروى ابن جرير والأزرقي عن عبد الرحمن بن سابط أو غيره من التابعين مرسلا أن قبر نوح عليه السلام بالمسجد الحرام. وهذا أقوى وأثبت من الذي يذكره كثير من المتأخرين من أنه ببلدة بالبقاع تعرف اليوم بكرك نوح وهناك جامع قد بني بسبب ذلك فيما ذكر والله أعلم.
قصة هود عليه السلام (1) وهو هود بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام * ويقال إن هودا هو عابر بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح. ويقال هود بن عبد الله بن رباح بن الجارود (2) بن عاد بن عوص بن ارم ابن سام بن نوح عليه السلام * ذكره ابن جرير وكان من قبيلة يقال لهم عاد بن عوص بن سام بن نوح كانوا عربا يسكنون الأحقاف وهي جبال الرمل وكانت باليمن من عمان وحضرموت بأرض مطلة على البحر يقال لها الشحر (3) واسم واديهم مغيث * وكانوا كثيرا ما يسكنون الخيام ذوات الأعمدة الضخام كما قال تعالى (ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد) [الفجر: 6] أي عاد إرم وهم عاد الأولى * وأما عاد الثانية فمتأخرة كما سيأتي بيان ذلك في موضعه * وأما عاد الأولى فهم عاد (إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد) [الفجر: 8] أي مثل القبيلة * وقيل مثل العمد. والصحيح الأول كما بيناه في التفسير.
ومن زعم أن ارم مدينة تدور في الأرض فتارة في الشام وتارة في اليمن وتارة في الحجاز وتارة في غيرها فقد أبعد النجعة وقال ما لا دليل عليه ولا برهان يعول عليه ولا مستند يركن إليه * وفي