أهلها خرجوا إليه فقاتلوه قتالا شديدا فكمن لهم موسى ليلا في مقاطع الصخر فلم يرهم الكفار فلما أصبحوا زحف إليهم فخرجوا إلى المسلمين على عادتهم فخرجوا عليهم من الكمين وأحدقوا بهم وحالوا بينهم وبين البلد وقتلوهم قتلا ذريعا ونجا من نجا منهم فدخل المدينة وكانت حصينة فحصرهم بها أشهرا وقاتلهم وزحف إليهم بدبابة عملها ونقبوا سورها فخرج أهلها على المسلمين فقتلوهم عند البرج فسمي برج الشهداء إلى اليوم ثم افتتحها آخر رمضان سنة أربع وتسعين يوم الفطر صلحا على أن جميع أموال القتلى يوم الكمين وأموال الهاربين إلى جليقية وأموال الكنائس وحليها للمسلمين.
ثم إن أهل إشبيلية اجتمعوا وقصدوها وقتلوا من بها من المسلمين فسير موسى إليها ابنه عبد العزيز بجيش فحصروها وملكها عنوة وقتل من بها من أهلها وسار عنها إلى لبلة وباجة فملكهما وعاد إلى أشبيلية.
وسار موسى من مدينة ماردة في شوال يريد طليطلة فخرج طارق إليه فلقيه فلما أبصره نزل إليه فضربه موسى بالسوط على رأسه ووبخه على ما كان من خلافه ثم سار به إلى مدينة طليطلة فطلب منه ما غنم والمائدة أيضا فأتاه بها وقد انتزع رجلا من أرجلها فسأله عنها فقال لا علم لي كذلك وجدتها فعمل عوضها من ذهب.
وسار موسى إلى سرقسطة ومدائنها فافتتحها وأوغل في بلاد الفرنج فانتهى إلى مفازة كبيرة وأرض سهلة ذات آثار فأصاب فيها صنما قائما فيه مكتوب بالنقر يا بني إسماعيل إلى ههنا منتهاكم فارجعوا وإن سألتم إلى ماذا ترجعون أخبرتكم أنكم ترجعون إلى الاختلاف فيما بينكم حتى يضرب بعضكم أعناق بعض وقد فعلتم.