وأما طارق فلما رأى طليطلة فارغة ضم إليها اليهود وترك معهم رجالا من أصحابه وسار هو إلى وادي الحجارة فقطع الجبل من فج فيه فسمي بفج طارق إلى اليوم وانتهى إلى مدينة خلف الجبل تسمى مدينة المائدة وفيها وجد مائدة سليمان بن داود عليه السلام وهي من زبرجد أخضر حافاتها وأرجلها منها مكللة باللؤلؤ والمرجان والياقوت وغير ذلك وكان لها ثلاثمائة وستون رجلا ثم مضى إلى مدينة ماية فغنم منها ورجع إلى طليطلة في سنة ثلاث وتسعين.
وقيل اقتحم أرض جليقية فخرقها حتى انتهى إلى مدينة أسترقة وانصرف إلى طليطلة ووافته جيوشه التي وجهها من إستجة بعد فراغهم من فتح تلك المدن التي سيرهم إليها.
* * * ودخل موسى بن نصير الأندلس في رمضان سنة ثلاث وتسعين في جمع كثير وكان قد بلغه ما صنع طارق فحسده فلما عبر إلى الأندلس ونزل الجزيرة الخضراء قيل له تسلك طريق طارق فأبى فقال له الأدلاء نحن ندلك على طريق أشرف من طريقة ومدائن لم تفتح بعد ووعده يوليان بفتح عظيم فسر بذلك وكان قد غمه.
فساروا به إلى مدينه ابن السليم فافتتحها عنوة ثم سار إلى مدينة قرمونة وهي أحصن مدن الأندلس فقدم إليها يوليان وخاصته فأتوهم على حال المنهزمين معهم السلاح فأدخلوهم مدينتهم فأرسل موسى إليهم الخيل ففتحوها لهم ليلا فدخلها المسلمون وملكوها ثم سار موسى إلى إشبيلية وهي من أعظم مدائن الأندلس بنيانا وأعزها آثارا فحصرها أشهرا وفتحها وهرب من بها فأنزلها موسى اليهود وسار إلى مدينة ماردة فحصرها وقد كان