سنة اثنتين وتسعين واتصلت الحرب ثمانية أيام وكان على ميمنته وميسرته ولدا الملك الذي كان قبله وغيرهما من أبناء الملوك واتفقوا على الهزيمة بغضا لرذريق وقالوا إن المسلمين إذا امتلأت أيديهم من الغنيمة عادوا إلى بلادهم وبقي الملك لنا فانهزموا وهزم الله رذريق ومن معه وغرق رذريق في النهر وسار طارق إلى مدينة استجة متبعا لهم فلقيه أهلها ومعهم من المنهزمين خلق كثير فقاتلوه قتالا شديدا ثم انهزم أهل الأندلس ولم يلق المسلمون بعدها حربا مثلها ونزل طارق على عين بينها وبين مدينة استجة أربعة أميال فسميت عين طارق إلى الآن.
ولما سمعت القوط بهاتين الهزيمتين قذف الله في قلوبهم الرعب وكانوا يظنون أنه يفعل فعل طريف فهربوا إلى طليطلة وكان طريف قد أوهمهم أنه يأكلهم هو ومن معه فلما دخلوا طليطلة وأخلوا مدائن الأندلس قال له يوليان قد عرفت من الأندلس ففرق جيوشك وسر أنت إلى طليطلة ففرق جيوشه من مدينة استجة وبعث جيشا إلى قرطبة وجيشا إلى غرناطة وجيشا إلى مالقة وجيشا إلى تدمير وسار هو ومعظم الجيش إلى جيان يريد طليطلة فلما بلغ طليطلة وجدها خالية وقد لحق من كان بها بمدينة خلف الجبل يقال لها مائة.
فأما الجيش الذي سار إلى قرطبة فإنهم دلهم راع على ثغرة في سورها فدخلوا منها البلد وملكوه.
وأما الذين قصدوا تدمير فلقيهم صاحبها واسمه تدمير وبه سميت وكان اسمها أرويولة وكان معه جيش كثيف فقاتلهم قتالا شديدا ثم انهزم فقتل من أصحابه خلق كثير فأمر تدمير النساء فلبسن السلاح ثم صالح المسلمين عليها وفتح سائر الجيوش ما قصدوا إليه من البلاد.