ورام أهل الشام إهلاكهم قبل الليل فلم يصلوا إلى ذلك لشدة قتالهم وتقدم عبد الله بن عزيز الكناني فقاتل أهل الشام ومعه ولده محمد وهو صغير فنادى بني كنانة من أهل الشام وسلم ولده إليهم ليوصلوه إلى الكوفة فعرضوا عليه الأمانة فأبى ثم قاتلهم حتى قتل.
وتقدم كرب بن يزيد الحميري عند المساء في مائة من أصحابه فقاتلهم أشد قتال فعرض عليه وعلى أصحابه ابن ذي الكلاع الحميري الأمان، قال قد كنتم آمنين في الدنيا وإنما خرجنا نطلب أمان الآخرة فقاتلوهم حتى قتلوا وتقدم صخر بن هلال المزني في ثلاثين من مزينة فقاتلوا حتى قتلوا.
فلما أمسوا رجع أهل الشام إلى معسكرهم ونظر رفاعة إلى كل رجل قد عقر به فرسه وجرح فدفعة إلى قومه ثم سار بالناس ليلته وأصبح الحصين ليلتقيهم فلم يرهم فلم يبعث في آثارهم وساروا حتى أتوا قرقيسيا فعرض عليهم زفر الإقامة فأقاموا ثلاثا فأضافهم ثم زودهم وساروا إلى الكوفة.
ثم أقبل معد بن حذيفة بن اليمان في أهل المدائن فبلغ هيت فأتاه الخبر فرجع فلقي المثنى بن مخربة العبدي في أهل البصرة بصدود فأخبره فأقاموا حتى أتاهم رفاعة فاستقبلوه وبكى بعضهم إلى بعض وأقاموا يوما وليلة ثم تفرقوا فسار كل طائفة إلى بلدهم.
ولما بلغ رفاعة الكوفة كان المختار محبوسا فأرسل إليه اما بعد فمرحبا بالقصبة الذين عظم الله لهم الأجر حين انصرفوا ورضي فعلهم حين قتلوا،