لأصحابه: من أراد الحياة التي ليس بعدها موت والراحة التي ليس بعدها نصب والسرور الذي ليس بعده حزن فليتقرب إلى الله بقتال هؤلاء المحلين الرواح إلى الجنة وذلك عند العصر فحمل هو وأصحابه فقتلوا رجالا وكشفوهم.
ثم إن أهل الشام تعطفوا عليهم من كل جانب حتى ردوهم إلى المكان الذي كانوا فيه وكان مكانهم لا يؤتى إلا من وجه واحد فلما كان المساء تولى قتالهم أدهم بن محرز الباهلي فحمل عليهم في خيله ورجله فوصل ابن محرز إلى ابن وال وهو يتلوا (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا) فغاظ ذلك أدهم بن محرز فحمل عليه فضرب يده فأبانها ثم تنحى عنه وقال إني أظنك وددت أنك عند أهلك قال ابن وال بئسما ظننت والله ما أحب أن يدك مكانها إلا أن يكون لي من الأجر ليعظم وزرك ويعظم أجري. فغاظه ذلك أيضا فحمل عليه فطعنه فقتله وهو مقبل ما يزول وكان ابن وال من الفقهاء العباد.
فلما قتل أتوا رفاعة بن البجلي وقالوا لا تأخذ الراية ارجعوا بنا لعل الله يجمعنا ليوم شر لهم فقال له عبد الله ابن عوف ابن الأحمر هلكنا والله لئن انصرفنا ليركبن أكتافنا فلا نبلغ فرسخا حتى نهلك عن آخرنا وإن نجا منا ناج أخذته العرب يتقربون به إليهم فقتل صبرا هذه الشمس قد قاربت الغروب فنقاتلهم على خيلنا فإذا غسق ركبنا خيولنا أول الليل وسرنا حتى نصبح على مهل ويحمل الرجل صاحبه وجريحه ونعرف الوجه الذي نأخذه فقال رفاعة نعم ما رأيت! وأخذ الراية وقاتلهم قتالا شديدا،