للهجرة في ميدان علم الحديث، ولا يخالجنا شك في أنه آمن مع عدد من أمثاله بصحة المواد التي رواها.
وعندي إن هناك حاجة لنشر جميع المواد الرؤية في التراث العربي فهذا ييسر السبل لدراستها ومن ثم دراسة العقلية العربية عبر العصور فمثل هذه الدراسات لها فوائد مزدوجة، هي تفيد من الجانب الحضاري والتاريخي، ثم تساعد على التخطيط للتخلص من التخلف وقيام عصر نهضة عربية اسلامية تعتمد القرآن الكريم وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم ومعطيات العلم في عصر الحاسوب الآلي والمعلوماتية الصحيحة والحسابات الدقيقة.
ومؤلف كتابنا الفتن هو نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث بن همام بن مالك الخزاعي، أبو عبد الله المروزي، لا نعرف سنة مولده، إنما نعرف أنه عاش في بغداد وأنه كان أعورا، أخذ العلم عن كبار علماء عصره من أئمة القرن الثاني للهجرة، واختص بعلم الفرائض حتى عرف بالفراض، وكان في مطلع حياته جهميا لكنه بعد تعمق بدراسة الحديث والسنة انقلب على الجهمية والمرجئة، وصنف عدة كتب بالرد عليهم وتحامل على أبي حنيفة النعمان بن ثابت وصاحبه محمد بن الحسن، وهذا يعني أنه شيخه عبد الله بن المبارك قال: " نعيم هذا جاء بأمر كبير، يريد أن يبطل النكاح نكاحا قد عقد، ويبطل البيوع بيوعا تقدمت وقوم توارثوا على هذا "، كما روي أنه انتقد لطريقة تعامله مع الأحاديث النبوية حيث كان يعمد إلى تقطيع الحديث الواحد إلى عدة أقسام، وسوغ عمله هذا بحكاية قال فيها: " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال: يا نعيم أنت الذي تقطع حديثي؟ قلت: يا رسول الله إني أجعله في كل باب، قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم " وفي رواية ثانية " قلت: يا رسول الله يأتينا عنك الحديث فيه أشياء مختلفة فأضع كل شئ منها في باب، قال: فأمسك عني ".
فقد صنف نعيم في الحديث النبوي وأراد أن يمزج بين طريقتي المسند والتصنيف حسب أبواب الفقه، ونظرا لما أثاره حوله اضطر نعيم إلى مغادرة العراق إلى مصر حيث عاش أكثر من أربعين سنة فكان أبرز علماء المسلمين، وقد عارض بشدة القول بخلق القرآن الذي تبنته الخلافة العباسية وسعت إلى فرضه بكل قسوة منذ أيام المأمون، وأدى هذا إلى اعتقاله أيام المعتصم سنة ثلاث وعشرين، أو أربع وعشرين ومائتين وحمل إلى سامراء حيث أودع السجن، وسعت السلطات العباسية إلى حمله على القول بخلق القرآن فرفض وظل