عن خراسان قلت مداراة رجاء بن أبي الضحاك، وضعف في تدبيره، ولم يكن بالحازم في أموره، فخاف المأمون أن يضطرب خراسان، فعزله، وولى غسان ابن عباد، فأحسن السيرة، واستمال ملوك النواحي.
وفاة الرضى علي ولما صار إلى طوس توفي الرضى علي بن موسى بن جعفر بن محمد بقرية يقال لها النوقان أول سنة 203، ولم تكن علته غير ثلاثة أيام، فقيل إن علي بن هشام أطعمه رمانا فيه سم، وأظهر المأمون عليه جزعا شديدا.
فحدثني أبو الحسن بن أبي عباد قال: رأيت المأمون يمشي في جنازة الرضى حاسرا في مبطنة بيضاء، وهو بين قائمتي النعش يقول: إلى من أروح بعدك، يا أبا الحسن! وأقام عند قبره ثلاثة أيام يؤتى في كل يوم برغيف وملح، فيأكله، ثم انصرف في اليوم الرابع، وكانت سن الرضى أربعا وأربعين سنة.
وقال أبو الحسن بن أبي عباد سمعت الرضى يقول: إن مشي الرجال مع الرجل فتنة للمتبوع ومذلة للتابع، وسمعته يقول: إن في صحف إبراهيم:
أيها الملك المغرور! إني لم أبعثك لتبني البنى، ولا لتجمع الدنيا، ولكن بعثتك لترد عنى دعوة المظلوم، فإني لا أردها، ولو كانت من كافر.
وقال للمأمون: ما التقت فئتان قط إلا نصر الله أعظمهما عفوا.
وقال: إنما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن، فيتعظ، فأما صاحب سيف وسوط فلا! إن من تعرض لسلطان جائر، فأصابته منه بلية، لم يؤجر عليها، ولم يرزق الصبر فيها.
وقدم المأمون مدينة السلام في شهر ربيع الأول سنة 204، ولباسه ولباس