مسجد المدينة، وعسكر بكلواذى، ومعه الفضل بن الربيع، وعيسى بن محمد ابن أبي خالد، وسعيد بن الساجور، وأبو البط، وكتب بالولايات، وعقد الألوية، واستقامت له الأمور، وأطاعه الأبناء وأهل الحربية وما والاها، إلا من كان في طاعة المأمون، فإنهم كانوا يحاربون مع حميد بن عبد الحميد الطائي الطوسي، ويصيحون: يا عنقود، يا مغني! وكان إبراهيم أسود شديد السواد، وبنصف وجهه شامة، سمج المنظر، وكانوا يدعونه عنقودا لذلك، ثم وثب أسد الحربي، وكان من أصحاب إبراهيم، في جماعة من الحربية، فخلعوا إبراهيم، ودعوا للمأمون، وأخذ عيسى بن أبي خالد أسدا الحربي وابنا له، فقتلهما وصلبهما.
وكان حميد بن عبد الحميد نازلا بموضع يقال له خان الحكم بنهر صرصر، فراسل عيسى بن أبي خالد ليجتمعا، ثم صار حميد إلى بغداد، فصلى خلف ابن أبي رجاء القاضي صلاة الجمعة، وانصرف إلى معسكره.
وخرج مهدي بن علوان الشاري بناحية عكبرا، فخرج إليه المطلب ابن عبد الله، فواقعه وقعة بعد وقعة، ثم هزمه مهدي، فانصرف المطلب منهزما إلى بغداد، وخرج إليه أبو إسحاق بن الرشيد، فواقعه، وهزم مهدي، ولم يزل يتبعه حتى أسره، فمن عليه المأمون وألزمه بابه، وألبسه السواد، فلم يزل على باب المأمون حتى مات.
وخرج المأمون من مرو متوجها إلى العراق سنة 202، ومعه الرضى، وهو ولي عهده، وذو الرئاستين الفضل بن سهل وزيره، وقد كتب للفضل الكتاب الذي سماه كتاب الشرط والحباء يصف فيه طاعته، ونصيحته، وعظته، وعنايته، وذهابه بنفسه عن الدنيا، وارتفاعه عما بذل من الأموال والقطائع والجوهر والعقد، ويشرط له على نفسه كل ما يسأل ويطلب، لا يدفعه، ولا يمنعه، ووقع فيه المأمون بخطه، وأشهد على نفسه، فلما صار المأمون بقومس قتل الفضل بن سهل وهو في الحمام، دخل عليه غالب الرومي وسراج الخادم