فكتب إلى أبي جعفر: أن اضرب عنقه، فإنه غدر، ونكث، ونقض العهود، وكثرت كتبه بذلك، وكتب أبو مسلم من خراسان يحرض على قتله، ويخبر أن الامر لا يستقيم ما كان حيا، وانه ممن لا يصلح للاستبقاء. وقال أبو جعفر للحسن بن قحطبة الطائي: إن أمير المؤمنين قد أمر بقتل هذا الرجل، فتول ذلك! فقال له الحسن: إن قتلته كانت العصبية بين قومي وقومه، والعداوة، واضطرب عليك من بعسكرك من هؤلاء وهؤلاء، ولكن انفذ إليه برجل من مضر يقتله. فوجه إليه بخازم بن خزيمة التميمي، فأتاه في جماعة، فوافاه وهو جالس في رحبة القصر بواسط، فلما رآهم قال: أقسمت بالله ان في وجوه القوم لغدرة! فلما دنوا منه قام ابنه داود في وجوههم، فضربه بعضهم بالسيف فجدله، وصاروا إلى يزيد فضربوه بأسيافهم حتى قتلوه، ثم تتبعوا قواده وأصحابه، فقتلوهم عن آخرهم.
وخرج شريك بن شيخ المهري ببخارى فقال: ما على هذا بايعنا آل محمد، أن نسفك الدماء، ونعمل غير الحق. فوجه إليه أبو مسلم زياد بن صالح الخزاعي، فقاتله، فقتله.
وخرج أبو محمد السفياني، وهو يزيد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، بما لديه، وخرج محمد بن مسلمة بن عبد الملك بحران، وحاصر موسى بن كعب، وكان عامل أبي جعفر، وأبو جعفر يومئذ عامل الجزيرة، ورماها بالمنجنيق، وحرق أبوابها، وكان ذلك سنة 133.
ثم بلغ محمد بن مسلمة قتل أبي محمد السفياني وقتل أبي الورد بن كوثر ابن زفر، فانصرف عنها، وتفرق جمعه، واتبعه موسى بن كعب، فقتل خلقا من أصحابه، وتعمد عدة مدائن من الجزيرة.
وأقام إسحاق بن مسلم العقيلي بسميساط سبعة أشهر، وأبو جعفر محاصر له، وقيل: لم يحاصره أبو جعفر، ولكن عبد الله بن علي حاصره، وكان إسحاق يقول: في عنقي بيعة، فلا أدعها أبدا حتى أعلم أن صاحبها قد مات، أو قتل.