وعبد الله بن بسام، وأبو حميد سابعهم سرا من أبي سلمة، فسلموا على أبي العباس بالخلافة، وألبسه أبو حميد السواد، وأخرجه، فمضى به إلى المسجد الجامع، وبلغ الخبر أبا سلمة، فأتى ركضا حتى لحقهم، فقال: إني إنما كنت أدبر استقامة الامر وإلا فلا أعمل شيئا فيه.
وقد قدمنا ذكر بيعة أبي العباس في أيام مروان، ووصفنا ما عمل من وجه لمحاربة مروان، ووصلنا من الخبر بذلك إلى قتل مروان ما يغني عن إعادته.
وكان من قدم إلى الكوفة من بني هاشم اثنين وعشرين رجلا، منهم:
داود، وسليمان، وعيسى، وصالح، وإسماعيل، وعبد الله، وعبد الصمد بنو علي بن عبد الله بن عباس، وموسى بن داود، وجعفر، ومحمد ابنا سليمان، والفضل، وعبد الله ابنا صالح، وأبو العباس، ومحمد ابنه، وجعفر، ومحمد ابنا المنصور، وعيسى بن موسى بن محمد، وعبد الوهاب، ومحمد ابنا إبراهيم، ويحيى بن محمد، والعباس بن محمد.
ولما بويع أبو العباس صعد المنبر في اليوم الذي بويع فيه، وكان حييا، فارتج عليه، فأقام مليا لا يتكلم، فصعد داود بن علي، فقام دونه بمرقاة، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد، وقال: أيها الناس! الآن تقشعت حنادس الفتنة، وانكشف غطاء الدنيا، وأشرقت أرضها وسماؤها، وطلعت الشمس من مطلعها، وعاد السهم إلى النزعة، وأخذ القوس باريها، ورجع الحق إلى نصابه في أهل بيت نبيكم، أهل الرأفة بكم، والرحمة لكم، والتعطف عليكم، ألا وإن ذمة الله وذمة رسوله وذمة العباس لكم أن نسير، فنحكم في الخاصة والعامة منكم بكتاب الله وسنة رسوله، وإنه والله أيها الناس! ما وقف هذا الموقف بعد رسول الله أحد أولى به من علي بن أبي طالب، وهذا القائم خلفي، فاقبلوا، عباد الله، ما آتاكم بشكر، واحمدوه على ما فتح لكم، أبدلكم بمروان عدو الرحمن، حليف الشيطان، بالفتى المتمهل الشاب المتكهل، المتبع لسلفه والخلف من أئمته وآبائه، الذين هدى الله، فبهداهم اقتدى مصابيح