ابن مهاجر لما قتل أبو سلمة:
إن الوزير، وزير آل محمد، أودى، فمن يشناك كان وزيرا ووجه أبو العباس أخاه أبا جعفر إلى واسط، وكان الحسن بن قحطبة محاصرا ليزيد بن عمر بن هبيرة، وأمره بمجادته، فحوصر أحد عشر شهرا، وكان معه جماعة من قواد مروان وأصحابه، وممن كان مع عامر بن ضبارة، ونباتة بن حنظلة، الذين قتلهم قحطبة، وكان يزيد قد استعد لحصار سنتين، وأدخل الأقوات والعلوفة لعشرين ألف مقاتل، فصدقوه المحاربة، وطلب الأمان ووجه السفراء، فأجيب إلى ذلك، وكتب له كتاب أمان، وشرط له فيه ما سأل.
وختمه أبو العباس.
وخرج ابن هبيرة حتى صار إلى أبي جعفر، فبايع ثم رجع إلى موضعه، وكان يركب كل يوم في ألف فارس وألف راجل، فقال بعض أصحاب أبي جعفر له: أصلح الله الأمير! إن ابن هبيرة ليأتي فيتضعضع له العسكر. فقال لأبي غسان حاجبه: قل لابن هبيرة فليقلل من جمعه! فركب إليه في خمسمائة راجل، فقال له الحاجب: كأنك تأتينا مباهيا، فركب إليهم في ثلاثين فارسا، وثلاثين راجلا، فكان أبو جعفر يقول: ما رأيت أنبل من ابن هبيرة، ولا أتيه، إن كان ليدخل إلي، فيقول: كيف أنت يا هذا، أو حالك، وكيف ما يأتيك عن صاحبك؟ فإن كنت لأحدثه فيقول: إيها لله أبوك! ثم يتداركها فيقول: أصلح الله الأمير! إني قريب عهد بإمارة، وكان الرجل يحدثني، فأقول بهذا ونحوه. وقال له يوما: حدثني! فقال: لأمحضنك النصيحة محضا، إن عهد الله لا ينكث وعقدته لا تحل، وإن إمارتكم هذه جديدة، فأذيقوا الناس حلاوتها، وجنبوهم مرارتها.
ووجدت كتب لابن هبيرة إلى محمد بن عبد الله بن حسن يعلمه أن يبايع له، وان قبله أموالا وعدة وسلاحا، وإن معه عشرين ألف مقاتل، فأنفذت الكتب إلى أبي العباس، فقال أبو العباس: نقض عهده، وأحدث ما أحل به دمه،